مُحْتَاجٌ كَمَا فِي الْمُغْنِي لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً» قَالَ: وَلِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَرِيبِ الْمُحْتَاجِ خَيْرٌ مِنْ إعْطَائِهِ الْأَجْنَبِيَّ.
فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ كَعَطِيَّتِهِمْ إيَّاهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ، فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ وَغِنَاهُمْ وَفَقْرِهِمْ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِفَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ أَوْ رَحِمٍ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ بِكُلِّ مَالِهِ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ مَنْعَ مُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ ثَبَتَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّكَ إنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً» فَحَيْثُ لَا وَارِثَ يَنْتَفِي الْمَنْعُ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ.
(فَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً لَا غَيْرُ، مَثَلًا وَ) كَانَ قَدْ (أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِزَيْدٍ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَرَدَّ) الْوَصِيَّةَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي قَدْرِ فَرْضِهِ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) فَإِنْ كَانَ الرَّادُّ زَوْجًا بَطَلَتْ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثَيْنِ وَإِنْ كَانَ زَوْجَةً بَطَلَتْ فِي السُّدُسِ، لِأَنَّ لَهَا رُبُعَ الثُّلُثَيْنِ (فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ الثُّلُثَ) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ (ثُمَّ يَأْخُذُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَرْضَهُ مِنْ الْبَاقِي، وَهُوَ الثُّلُثَانِ فَيَأْخُذُ رُبُعَهُمَا) وَهُوَ سُدُسٌ (إنْ كَانَ) الرَّادُّ (زَوْجَةً وَنِصْفَهُمَا) وَهُوَ ثُلُثٌ (إنْ كَانَ) الرَّادُّ (زَوْجًا، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثَيْنِ) لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَأْخُذَانِ مِنْ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضَيْهِمَا.
(وَلَوْ أَوْصَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (وَارِثٌ غَيْرُهُ أَخَذَ) الْمُوصَى لَهُ (الْمَالَ كُلَّهُ إرْثًا وَوَصِيَّةً) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَقِيلَ: تُكْرَهُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: (وَهُوَ الْأَوْلَى) وَلَوْ قِيلَ بِالْإِبَاحَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ (اخْتَارَهُ جُمُوعٌ) وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ (عَلَى مَنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَجْنَبِيٍّ، وَبِشَيْءٍ) مُطْلَقًا (لِوَارِثٍ) سَوَاءٌ وُجِدَتْ فِي صِحَّةِ الْمُوصِي أَوْ مَرَضِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ: لَا، قَالَ: فَالشَّطْرُ قَالَ: لَا، قَالَ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، إلَّا النَّسَائِيَّ.
(وَتَصِحُّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute