مَعًا بَلْ (صُدُورَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفِ (عَنْ رَأْيِهِمَا) وَاجْتِهَادِهِمَا (ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا) التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ (أَوْ) يُبَاشِرَهُ (الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلِهِمَا) أَيْ: أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ وُقِفَ الْأَمْرُ، حَتَّى يَتَّفِقَا.
(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ، أَوْ غَابَ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ) كَسَفَهٍ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ (وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ (أَمِينًا) لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرَ (وَإِنْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْبَاقِي مِنْهُمَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ) الِاكْتِفَاءُ بِهِ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ إذْ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادِهِ.
(فَإِنْ جَعَلَ الْمُوصِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ، أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (لِأَحَدِهِمَا صَحَّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا) وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ) لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ (أَوْ خَرَجَ) أَحَدُهُمَا (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ، وَاكْتَفَى بِالْبَاقِي) مِنْهُمَا لِرِضَا الْمُوصِي بِهِ (إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْبَاقِي (عَنْ التَّصَرُّفِ وَحْدِهِ) فَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إلَيْهِ أَمِينًا يُعَاوِنُهُ (وَلَوْ حَدَثَ) لِأَحَدِهِمَا (عَجْزٌ لِضَعْفٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا، ضُمَّ أَمِينٌ) أَيْ: ضَمَّ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِمَنْ عَجَزَ يُعَاوِنُهُ وَالْوَصِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ) وَلَيْسَا مُسْتَقِلَّيْنِ (عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْمَالَ مِنْهُمَا) بِأَنْ طَلَبَ كُلٌّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ (لَمْ يُجْعَلْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِعَدَمِ رِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ.
(وَلَمْ يُقَسَّمْ) الْمَالُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرِكَةِ فِي التَّصَرُّفِ الشَّرِكَةُ فِي الْحِفْظِ لِأَنَّهُ مِمَّا وُصِّيَ بِهِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ الْحِفْظِ، كَمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ.
(وَجُعِلَ) الْمَالُ (فِي مَكَان تَحْتَ أَيْدِيهِمَا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نَحْوَ قُفْلٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ خَتَمَا عَلَيْهِ وَدُفِعَ إلَى أَمِينِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ الْقِسْمَةَ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَإِنْ نَصَّبَ) الْمُوصِي وَصِيًّا (وَنَصَّبَ) الْمُوصَى (عَلَيْهِ نَاظِرًا؛ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ إلَى رَأْيِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ) الْوَصِيُّ (إلَّا بِإِذْنِهِ) جَازَ قُلْتُ: فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُنَفَّذْ تَصَرُّفُهُ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ.
(وَإِنْ فَسَقَ الْوَصِيُّ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَهْلِيَّةِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُنْتَهَى وَكَذَا مَنْصُوبُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا فَسَقَ تَعُودُ وِلَايَتُهُ الْأَهْلِيَّةُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَنْ سَبَبِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ، وَوِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ عَنْ الْإِيصَاءِ وَتُوَلِّيهِ، وَقَدْ بَطَلَ فَلَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute