عَصَبَتِهَا كَمَا يَأْتِي (فَ) إذَا كَانَتْ (مَعَ الْوَلَدِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (أَوْ) مَعَ (وَلَدِ الِابْنِ) كَذَلِكَ (أَوْ) مَعَ (اثْنَيْنِ وَلَوْ مَحْجُوبَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ كَامِلِي الْحُرِّيَّةِ) فَ (لَهَا سُدُسٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] وَقَوْله {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَرَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - " لَيْسَ الْأَخَوَانِ إخْوَةً فِي لِسَانِ قَوْمِكَ فَلِمَ تَحْجُبُ بِهِمَا الْأُمَّ؟ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا كَانَ قَبْلِي وَمَضَى فِي الْبُلْدَانِ وَتَوَارَثَ النَّاسُ بِهِ " وَهَذَا مِنْ عُثْمَانَ يَدُلُّ عَلَى إجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَفْظُ الْإِخْوَةِ هُنَا يَتَنَاوَلُ الْأَخَوَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَمْعِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ غَيْرِ كَمِّيَّةٍ انْتَهَى.
وَلِأَنَّ كُلَّ حَجْبٍ تَعَلَّقَ بِعَدَدٍ كَانَ أَوَّلُهُ اثْنَيْنِ كَحَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِلْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ وَشَمَل قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْجُوبَيْنِ مَا إذَا حُجِبَا بِالْأَبِ أَوْ بِالْجَدِّ كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا وَارِثًا وَالْآخَرُ مَحْجُوبًا كَأَخٍ شَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ.
(وَ) لِلْأُمِّ (مَعَ عَدَمِهِمْ) أَيْ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْعَدَدِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (ثُلُثٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الثَّانِي.
(وَ) الْحَالُ الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فِي أَبَوَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَهُمَا الْعُمَرِيَّتَانِ) وَالْغَرَوَانِ (لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ، قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي السَّبَبِ الْمُدْلِي بِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ بِخِلَافِ الْجَدِّ فَلَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَ فَرْضَهُ وَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ لَزِمَ تَفْضِيلُ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَةَ فَرَضَهَا وَالْأُمَّ الثُّلُثَ كَامِلًا لَزِمَ أَنْ لَا يُفَضَّلَ عَلَيْهَا التَّفْضِيلَ الْمَعْهُودَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالرُّتْبَةِ فَلِذَلِكَ اسْتَدْرَكُوا هَذَا الْمَحْذُورَ وَأَعْطَوْا الْأُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي وَالْأَبَ ثُلُثَيْهِ مُرَاعَاةً لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ.
(وَ) الْحَالُ (الرَّابِعُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنَا أَوْ ادَّعَتْهُ) أَيْ ادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا (وَأُلْحِقَ بِهَا) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ دُونَ زَوْجِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute