الْجَاحِدِ لَهُ وَتَقَدَّمَ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (مِمَّنْ نَفَاهُ) بِاللِّعَانِ (وَنَحْوِهِ) كَجَحْدِ زَوْجِ الْمُقِرَّةِ بِهِ (فَلَا يَرِثُهُ هُوَ) أَيْ الْبَاقِي (وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَتِهِ) لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ وَهُوَ النَّسَبُ.
وَكَذَا الزَّانِي وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ وَلَدَ الزِّنَا وَكَذَا زَوْجُ الْمُقِرَّةِ وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ (وَلَوْ) كَانَ التَّعْصِيبُ (بِإِخْوَةٍ مِنْ أَبٍ إذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ) مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ نَفَاهُمَا بِاللِّعَانِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا (فَلَا يَرِثُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ) الَّذِي تَوْأَمُهُ بِإِخْوَتِهِ مِنْ الْأَبِ شَيْئًا (وَلَا يَحْجُبُ) تَوْأَمُهُ أَحَدًا مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِأَبٍ (لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ) إذْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبٌ يُنْتَسَبُ إلَيْهِ (وَتَرِث أُمُّهُ) مِنْهُ فَرْضَهَا.
(وَ) يَرِثُ (ذُو فَرْضٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وَلَدِ زِنًا وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَنَحْوِهِ (فَرْضَهُ) كَغَيْرِهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ لَا أَبَ لَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مَنْعِ ذِي فَرْضٍ مِنْ فَرْضِهِ (وَعَصَبَتِهِ) أَيْ عَصَبَةِ مَنْ لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا (عَصَبَةُ أُمِّهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ ذَا السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَبَقِيَ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَرْضَهُمْ لَهُ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ «فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَأَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَرِثُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِهَا فَيَبْقَى الْبَاقِي لِذَوِي قَرَابَتِهِ وَهُمْ عَصَبَتُهَا وَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً فَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ فَلَهَا الثُّلُثُ فَرْضًا وَالْبَاقِي رَدًّا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مَنْ يَرَى الرَّدَّ (فِي إرْثٍ فَقَطْ كَقَوْلِنَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ فَلَا يَعْقِلُونَ) أَيْ عَصَبَةُ أُمِّهِ (عَنْهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ) عَلَيْهِ (وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ) أَوْ كَانَ أُنْثَى (وَلَا غَيْرَهُ) كَوِلَايَةِ الْمَالِ لِأَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ التَّعْصِيبْ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إلَيْهِ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَنَّ عَصَبَتَهُ نَفْسُ أُمِّهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهُ عَصَبَتُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ وَلَا عَصَبَتُهَا عَصَبَةٌ لَهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَلَعَلَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقُلْ بِهِ لِمُخَالِفَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الصَّحَابَةِ لَهُ فَلَوْلَا أَنَّ مَعَهُمْ تَوْقِيفًا فِي ذَلِكَ لَمَا صَارُوا إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُقَال بِالرَّأْيِ فَيَكُونُ مَعَهُمْ زِيَادَةُ عِلْمٍ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْهَا غَيْرَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute