للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ مِمَّا نَقَلَهُ الْعُرْفُ وَقِيلَ إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ لِمَا سَبَقَ.

وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَالْأَشْهَر أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ مُطْلَقِ الضَّمِّ، لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّوَاطُؤِ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ (وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ وَيَقَعُ عَلَيْهِ (مَنْفَعَةُ الِاسْتِمْتَاعِ لَا مِلْكُهَا) أَيْ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ قَالَ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحِلُّ لَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَقَعُ الِاسْتِمْتَاعُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهَا وَقِيلَ بَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الِازْدِوَاجُ كَالْمُشَارَكَةِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] وقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ فِي النِّكَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (يُسَنُّ لِمَنْ لَهُ شُهْرَةٌ وَلَا يَخَافُ الزِّنَا) لِلْحَدِيثِ السَّابِق، عَلَّلَ أَمْرَهُ بِهِ بِأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَخَاطَبَ الشَّبَابَ لِأَنَّهُمْ أَغْلَبُ شَهْوَةً وَذَكَرَهُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى لِلْأَمْنِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورِ النَّظَرِ وَالزِّنَا مَنْ تَرَكَهُ (وَلَوْ) كَانَ (فَقِيرًا) عَاجِزًا عَنْ الْإِنْفَاقِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصْبِحُ وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ وَيُمْسِي وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ» وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ رَجُلًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ وَلَا وَجَدَ إلَّا إزَارَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِدَاءٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ قَلِيلِ الْكَسْبِ يَضْعُفُ قَلْبُهُ عَنْ التَّزَوُّجِ اللَّهُ يَرْزُقهُمْ التَّزَوُّجُ أَحْصَنُ لَهُ.

قَالَ فِي الشَّرْحِ: هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يُمْكِنُهُ التَّزَوُّجُ فَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُهُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٣] انْتَهَى وَنَقَلَ صَالِحُ يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ (وَاشْتِغَالُهُ) أَيْ ذِي الشَّهْوَةِ (بِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (أَفْضَلُ) مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَةِ قَالَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَمِنْ (التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>