للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلِأَنَّ فِي خِطْبَةِ الثَّانِي إفْسَادًا عَلَى الْأَوَّلِ وَإِيقَاعٌ لِلْعَدَاوَةِ وَ (لَا) تَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ (كَافِرٍ) لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ «عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» (كَمَا لَا) يَجِبُ أَنْ (يَنْصَحَهُ نَصًّا) لِحَدِيثِ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مِثْلُهُ وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ وَلَا حُرْمَتُهُ كَحُرْمَتِهِ (إنْ أُجِيبَ) الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ (تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا إنْ عَلِمَ) الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَإِجَابَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَانَ مَعْذُورًا بِالْجَهْلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِجَابَةِ.

(فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَعَقَدَ عَلَيْهَا (صَحَّ الْعَقْدُ كَالْخِطْبَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ خَطَبَهَا (فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُقَارِنُ الْعَقْدَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) عَلَى بَيْعِ الْمُسْلِمِ.

(فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الثَّانِي (أُجِيبَ) الْأَوَّلُ (أَمْ لَا) جَازَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْجَهْلِ (أَوْ رُدَّ) الْأَوَّلُ جَازَ لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ «أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ رَدَّهُ (بَعْدَ الْإِجَابَةِ) فَيَجُوزُ لِلثَّانِي الْخِطْبَةُ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْأَوَّلِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ (أَوْ لَمْ يُرْكَنْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ بِمَعْنَى عَدَمِ الْإِجَابَةِ (أَوْ أَذِنَ) الْأَوَّلُ (لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي فِي الْخِطْبَةِ جَازَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ (أَوْ سَكَتَ) الْأَوَّلُ (عَنْهُ) بِأَنْ اسْتَأْذَنَ الثَّانِي الْأَوَّلَ فَسَكَتَ عَنْهُ جَازَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّرْكِ (لَوْ كَانَ) الْأَوَّلُ (قَدْ عَرَّضَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَمَنْ خَطَبَ تَعْرِيضًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا يُنْهِي غَيْرَهُ عَنْ الْخِطْبَةِ (أَوْ تَرَكَ) الْأَوَّلُ (الْخِطْبَةَ جَازَ) لِلثَّانِي أَنْ يَخْطُبَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ» وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعُدْ الْخَاطِبُ حَتَّى طَالَتْ الْمُدَّةُ وَتَضَرَّرَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ أَوْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْوَلِيِّ الْمُجِيبِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ ثُمَّ جُنَّتْ ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ.

(وَلَا يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ) الْمُجْبَرِ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِجَابَةِ لِغَرَضٍ (وَلَا) يُكْرَهُ (لِلْمَرْأَةِ) غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ (الرُّجُوعُ عَنْ الْإِجَابَةِ لِغَرَضٍ) صَحِيحٍ لِأَنَّهُ عَقْدُ عُمْرٍ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ فَكَانَ لَهَا الِاحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا وَالْوَلِيُّ قَائِمٌ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ (وَبِلَا غَرَضٍ) صَحِيحٍ (يُكْرَهُ) الرُّجُوعُ مِنْهُ وَمِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>