وَلَمْ يُحَرَّمْ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْ كَمَنْ سَاوَمَ لِسِلْعَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا.
(وَأَشَدُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ (تَحْرِيمًا مَنْ فَرَضَ لَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى الصَّدَقَاتِ أَوْ غَيْرِهَا) كَالْجَوَالِي (مَا يَسْتَحِقّهُ فَيَجِيءُ مَنْ زَاحَمَهُ) فِيهِ (أَوْ) مَنْ (يَنْزِعُهُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ أَشَدُّ إيذَاءً لَهُ مِنْ خِطْبَةٍ عَلَيْهِ.
(وَالتَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً) لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَلَوْ أَجَابَتْ الْوَلِيَّ وَرَغِبَتْ هِيَ عَنْ النِّكَاحِ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً (فَ) التَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ (عَلَى الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُ مَلَكَ تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا فَكَانَتْ الْعِبْرَةُ بِهِ لَا بِهَا (لَكِنْ لَوْ كَرِهَتْ) الْمُجْبَرَةُ (الْمُجَابَ وَاخْتَارَتْ) كُفُؤًا (غَيْرَهُ وَعَيَّنَتْهُ سَقَطَ حُكْمُ إجَابَةِ وَلِيِّهَا لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا) إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ (يُقَدَّمُ عَلَى اخْتِيَارِهِ) .
(قَالَ الشَّيْخُ وَلَوْ خَطَبَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا الرَّجُلَ ابْتِدَاءً فَأَجَابَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ لِرَجُلٍ آخَرَ خِطْبَتُهَا) لِأَنَّهُ إيذَاءٌ لَهُ (إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبَ) لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الْإِيذَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ مَسْأَلَةً وَقَعَ فِيهَا فِي كَلَامِهِ سَقْطُ كَلِمَةٍ فَتَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ (وَنَظِيرُ الْأُولَى) وَهِيَ الَّتِي ذَكَرْتُ لَكَ فِي الْمَتْنِ (أَنْ تَخْطُبَهُ امْرَأَةٌ أَوْ) يَخْطُبَهُ (وَلِيُّهَا بَعْدَ أَنْ خَطَبَ هُوَ امْرَأَةً فَإِنَّ هَذَا إيذَاءٌ لِلْمَخْطُوبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ إيذَاءٌ لِلْخَاطِبِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ قَبْلَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ) أَيْ لُزُومِهِ (وَذَلِكَ كُلُّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا انْتَهَى) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَقِيضُ جَوَازِ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى خِطْبَةِ أُخْتِهَا وَصَرَّحَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ بِالْمَنْعِ وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ تُسَاعِدُهُ.
(وَالسَّعْيُ مِنْ الْأَبِ لِلْأَيِّمِ فِي التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارُ الْأَكْفَاءِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ) بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ (لِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) حَيْثُ عَرَضَ حَفْصَةَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
(وَلَوْ أَذِنَتْ) امْرَأَةٌ (لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَهَلْ يُحَرَّمُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ خِطْبَتُهَا أَمْ لَا) يُحَرَّمُ فِيهِ (احْتِمَالَانِ) أَحَدُهُمَا يُحَرَّمُ كَمَا لَوْ خُطِبَتْ فَأَجَابَتْ قَالَ التَّقِيُّ الْفَتُوحِيُّ الْأَظْهَرُ التَّحْرِيمُ وَالثَّانِي لَا يُحَرَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْهَا أَحَدٌ وَهُمَا لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا دَلِيلٌ مِنْ الْقَاضِي أَنَّ سُكُوتَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ لَيْسَ بِخِطْبَةٍ بِحَالٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَسَاءً) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَمْسُوا بِالْمَلَاكِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمَقْصُودِهِ وَلِأَنَّهُ يَوْمٌ شَرِيفٌ وَيَوْمُ عِيدٍ وَالْبَرَكَةُ فِي النِّكَاحِ مَطْلُوبَةٌ فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَشْرَفُ الْأَيَّامِ طَلَبًا لِلْبَرَكَةِ وَالْإِمْسَاءُ بِهِ لِأَنَّ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute