النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّهُ أُمَّ سَلَمَةَ أَلَيْسَ كَانَ صَغِيرًا؟ قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ كَانَ صَغِيرًا؟ أَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ (ثُمَّ أَخُوهَا) لِأَبَوَيْهَا كَالْمِيرَاثِ (ثُمَّ) أَخُوهَا (لِأَبِيهَا) كَالْإِرْثِ (ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ) ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِأَبٍ كَالْمِيرَاثِ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ (وَإِنْ نَزَلُوا) كَالْإِرْثِ، (ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ) الْعَمُّ (لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ وَإِنْ نَزَلُوا) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، (ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ) لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَبْنَاهَا عَلَى النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَظِنَّةُ ذَلِكَ الْقَرَابَةُ وَالْأَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ هُوَ الْأَقْرَبُ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ.
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي النِّكَاحِ لَا تَثْبُتُ إلَّا لِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ، عَلَى هَذَا لَا يَلِي بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (فَإِذَا كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، فَكَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ) ، أَيْ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّارِحِ وَطَائِفَةٍ.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي التَّعْصِيب وَالْإِرْثِ بِهِ، وَجِهَةُ الْأُمِّ يُورَثُ بِهَا مُنْفَرِدَةً فَلَا تَرْجِيحَ بِهَا فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ فَالْوِلَايَةُ لِابْنِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ (ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ) بِالْعِتْقِ لِأَنَّهُ يَرِثُهَا وَيَعْقِلُ عَنْهَا عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَتِهَا مِنْ النَّسَبِ فَكَانَ لَهُ تَزْوِيجُهَا (ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهِ) فَأَقْرَبُهُمْ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، ثُمَّ مَوْلَى الْمَوْلَى ثُمَّ عَصَبَاتُهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ مَوْلَى مَوْلَى الْمَوْلَى ثُمَّ عَصَبَاتُهُ كَذَلِكَ (وَيُقَدَّمُ هُنَا ابْنَهُ وَإِنْ نَزَلَ عَلَى أَبِيهِ) لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ وَأَقْوَى فِي التَّعْصِيبِ.
وَإِنَّمَا قَدَّمَ أَبَ النَّسَبِ بِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَفَضِيلَةِ وِلَادَتِهِ وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي أَبِ الْمُعْتِقِ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْأَصْلِ (ثُمَّ السُّلْطَانُ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا» (وَهُوَ) أَيْ السُّلْطَانُ (الْإِمَامُ) الْأَعْظَمُ (أَوْ) نَائِبُهُ (الْحَاكِمُ وَمَنْ فَوَّضَا إلَيْهِ) الْأَنْكِحَةَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَمِيرَ لَا يُزَوِّجُ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، الْقَاضِي يَقْضِي فِي التَّزَوُّجِ وَالْحُقُوقِ وَالرَّجْمِ وَصَاحِبُ الشُّرَط إنَّمَا هُوَ مُسَلَّطٌ فِي الْأَدَبِ وَالْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ إلَيْهِ الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالرَّجْمُ وَالْحُدُودُ، وَهُوَ إلَى الْقَاضِي أَوْ إلَى الْخَلِيفَةِ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ: فِي الرُّسْتَاقِ يَكُونُ فِيهِ الْمَوْلَى وَلَيْسَ فِيهِ قَاضٍ يُزَوَّجُ إذَا احْتَاطَ لَهَا فِي الْمَهْرِ، وَالْكُفْءُ أَجْوَزُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْأَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّرْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute