للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَالَ عَنْ عَدَمِ الْإِجْبَارِ إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْكَبِيرَةِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْعَتِيقَةُ كَبِيرَةً لَا إجْبَارَ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَتِمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْثِيلِ بِهَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.

(وَيُزَوِّجُ مُعْتَقَتَهَا) أَيْ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ (عَصَبَةُ الْمُعْتَقَةِ) بِفَتْحِ التَّاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (مِنْ النَّسَبِ) كَأَبِيهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا وَنَحْوِهِمْ لِأَنَّ عَصَبَةَ النَّسَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ (فَإِنْ عُدِمَ) عَصَبَتُهَا مِنْ النَّسَبِ (فَأَقْرَبُ وَلِيٍّ لِسَيِّدَتِهَا الْمُعْتِقَةِ) يُزَوِّجُ الْعَتِيقَةَ (بِإِذْنِهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ لِأَنَّهُمْ عَصَبَاتٌ يَرِثُونَ وَيَعْقِلُونَ فَكَذَلِكَ يُزَوِّجُونَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا الْإِجْبَارُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إجْبَارٍ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ الْعَصَبَاتِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (فَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنُ الْمُعْتِقَةِ وَأَبُوهَا فَالِابْنُ أَوْلَى) بِتَزْوِيجِ عَتِيقَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَالْأَبُ إنَّمَا قُدِّمَ فِي نِكَاحِ ابْنَتِهِ لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ (وَلَا إذْنَ) يُعْتَبَرُ (لِسَيِّدَتِهَا) أَيْ الْمُعْتِقَةِ فِي تَزْوِيجِهَا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا مِلْكَ.

(وَأَحَقُّ النَّاسِ) الَّذِينَ لَهُمْ وِلَايَةُ النِّكَاحِ (بِنِكَاحِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ أَبُوهَا) ، لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ قَالَ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: ٩٠] .

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: ٣٩] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ وَلِأَنَّ الْأَبَ أَكْمَلُ شَفَقَةً وَأَتَمُّ نَظَرًا بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُ مِنْ مَالِهَا، (ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) لِأَنَّ الْجَدَّ لَهُ إيلَادٌ وَتَعْصِيبٌ أَشْبَهَ الْأَبَ (وَأَوْلَى الْأَجْدَادِ أَقْرَبُهُمْ) كَالْمِيرَاثِ، (ثُمَّ ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِيرَاثِ وَلِلِابْنِ وِلَايَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إلَيْهَا فَقَالَتْ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهَا وَلِيًّا شَاهِدًا أَيْ حَاضِرًا.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا ظَنَّتْ أَنَّ ابْنَهَا عُمَرَ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِصِغَرِهِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: كَانَ عُمْرُهُ حِينَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَ سِنِينَ، وَإِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ اثْنَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ عُمْرُهُ حِينَ التَّزْوِيجِ سَنَتَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ حِينَ زُوِّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>