للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوِلَايَةَ يُعْتَبَرُ لَهَا كَمَالُ الْحَالِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ التَّصَرُّفَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ مُولًى عَلَيْهِ لِقُصُورِهِ فَلَا تَثْبُت لَهُ وِلَايَةٌ كَالْمَرْأَةِ.

(وَ) السَّادِسُ: (عَدَالَةٌ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» قَالَ أَحْمَدُ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» .

وَرَوَى الْبَرْقَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ فَلَا يَسْتَبِدَّ بِهَا الْفَاسِقُ كَوِلَايَةِ الْمَالِ، (وَلَوْ) كَانَ الْوَلِيُّ عَدْلًا (ظَاهِرًا) فَيَكْفِي مَسْتُورَ الْحَالِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدْلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ وَيُفْضِي إلَى بُطْلَانِ غَالِبِ الْأَنْكِحَةِ، (إلَّا فِي سُلْطَانٍ) يُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا فَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ لِلْحَاجَةِ.

(وَ) إلَّا فِي (سَيِّدٍ) يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي أَمَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَجَّرَهَا.

(وَ) السَّابِعُ: (رُشْدٌ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَهُوَ) أَيْ الرُّشْدُ هُنَا (مَعْرِفَةُ الْكُفْءِ وَمَصَالِحِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ هُوَ حِفْظَ الْمَالِ لِأَنَّ رُشْدَ كُلِّ مَقَامٍ بِحَسَبِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ) ، وَهُوَ مَعْنَى مَا اشْتَرَطَهُ فِي الْوَاضِحِ مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمَصَالِحِ، لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ.

وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: (وَيُقَدِّمُ) الْوَلِيُّ (أَصْلَحَ الْخَاطِبِينَ) لِمُوَلِّيَتِهِ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهَا (وَفِي النَّوَادِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ لِمُوَلِّيَتِهِ شَابًّا حَسَنَ الصُّورَةِ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُعْجِبُهَا مِنْ الرَّجُلِ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا.

(فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ لَيْسَ أَهْلًا) لِلْوِلَايَةِ (كَالطِّفْلِ) يَعْنِي مَنْ لَمْ يَبْلُغْ (وَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ) ظَاهِرِ الْفِسْقِ (وَالْجُنُونِ الْمُطْبَقِ وَالشَّيْخِ إذَا أَفْنَدَ) أَيْ ضَعُفَ فِي الْعَقْلِ وَالتَّصَرُّفِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفَنَدُ بِالتَّحْرِيكِ: إنْكَارُ الْعَقْلِ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ، وَالْخَلْطُ فِي الْقَوْلِ وَالرَّأْيِ، وَالْكَذِبُ كَالْإِفْنَادِ وَلَا تَقُلْ عَجُوزٌ مُفْنِدَةٌ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رَأْيٍ أَبَدًا (أَوْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) يَعْنِي مِنْ يَلِي الْأَقْرَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَثْبُتُ لِلْأَقْرَبِ مَعَ اتِّصَافِهِ بِمَا تَقَدَّمَ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلِتَعَذُّرِ التَّزْوِيجِ مِنْ جِهَةِ الْأَقْرَبِ بِالْعَضْلِ جُعِلَ كَالْعَدَمِ، كَمَا لَوْ جُنَّ.

فَإِنْ عَضَلَ الْأَبْعَدُ أَيْضًا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا» ، (وَالْعَضْلُ مَنْعُهَا) أَنْ تَتَزَوَّجَ (بِكُفْءٍ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ وَرَغِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ) بِمَا صَحَّ مَهْرًا (وَلَوْ) كَانَ (بِدُونِ مَهْرٍ مِثْلَهَا) يُقَالُ: دَاءٌ عُضَالٌ إذَا أَعْيَا الطَّبِيبَ دَوَاؤُهُ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ.

(قَالَهُ الشَّيْخُ، وَمِنْ صُوَرِ الْعَضْلِ) الْمُسْقِطِ لِوِلَايَتِهِ: (إذَا امْتَنَعَ الْخَطَّابُ لِشِدَّةِ الْوَلِيِّ انْتَهَى) لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>