الْوَلِيِّ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ فِي ذَلِكَ (وَيُفَسَّقُ) الْوَلِيُّ (بِالْعَضْلِ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ، وَفِيهِ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَإِنْ غَابَ) الْوَلِيُّ (غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَلَمْ يُوَكِّلْ) مَنْ يُزَوِّجُ زَوَّجَ الْوَلِيُّ (الْأَبْعَدُ) دُونَ السُّلْطَانِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا» وَهَذِهِ لَهَا وَلِيٌّ (مَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً) غَابَ سَيِّدُهَا (فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ) لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا فِي مَالِ الْغَائِبِ (وَيَأْتِي فِي نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ) بِأَتَمِّ مِنْ هَذَا (وَهِيَ) أَيْ الْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ (مَا لَا تُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ) ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ فَإِنَّ التَّحْدِيدَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ وَلَا تَوْقِيفَ، (وَتَكُونُ) الْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ (فَوْق مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِأَنَّ مَنْ دُونَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، (وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ أَسِيرًا أَوْ مَحْبُوسًا فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ تَتَعَذَّرُ) أَيْ تَتَعَسَّرُ مُرَاجَعَتُهُ فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ صَحَّ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْبَعِيدِ، (أَوْ كَانَ) الْأَقْرَبُ (غَائِبًا لَا يُعْلَمُ) مَحَلُّهُ (أَقَرِيبٌ هُوَ أَمْ بَعِيدٌ؟) فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ صَحَّ، (أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَقْرَبَ (قَرِيبُ) الْمَسَافَةِ (وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ) فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ صَحَّ لِتَعَذُّرِ مُرَاجَعَتِهِ، (أَوْ كَانَ) الْأَقْرَبُ (مَجْهُولًا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ عَصَبَةٌ) لِلْمَرْأَةِ (فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ) الَّذِي يَلِيهِ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، (ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْعَصَبَةَ) بَعْدَ الْعَقْدِ وَكَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ حِينَهُ لَمْ يُعَدْ الْعَقْدُ.
(وَ) إنْ (زَالَ الْمَانِعُ) بَعْدَ الْعَقْدِ، بِأَنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ أَوْ عَقِلَ الْمَجْنُونُ وَنَحْوُهُ (لَمْ يُعَدْ الْعَقْدُ) ، وَكَذَا إنْ قَامَ بِالْأَقْرَبِ مَانِعٌ أَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ ثُمَّ زَالَ وَعَادَ أَهْلًا وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ حِينَ الْعَقْدِ فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ لَمْ يُعَدْ الْعَقْدُ، (وَكَذَا لَوْ زُوِّجَتْ بِنْتٌ مُلَاعَنَةٌ) بَعْدَ أَنْ نَفَاهَا أَبُوهَا بِاللِّعَانِ (ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبٌ) لَمْ يَعُدْ الْعَقْدُ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: قَدْ يُقَالُ حُكْمُ تَزْوِيجِهَا حُكْمُ سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنَّسَبِ تِلْكَ الْمُدَّةَ مِنْ الْعَقْلِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ بِنْتَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهَا (إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ وَمُدَبِّرَتِهِ فَيَلِيهِ) أَيْ يَلِي نِكَاحَهَا، (وَيُبَاشِرهُ) كَمَا يُؤَجِّرُهَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مُلْكِهِ لَكِنَّهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِمَا أَوْ نَحْوِهِ وَالْمَذْهَبُ إنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ بِمِلْكِهِ لِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ.
(وَيَلِي كِتَابِيٌّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ) فَيُزَوِّجُهَا (مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَيُبَاشِرُهُ) لِأَنَّهُ وَلِيٌّ مُنَاسِبٌ لَهَا فَجَازَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَمُبَاشَرَتِهِ، (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ) مِنْ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالذُّكُورَةِ وَالْعَدَالَةِ فِي دَيْنِهِ وَالرُّشْدِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَلِي مُسْلِمٌ نِكَاحَ كَافِرَةٍ) كَمَا لَا يَرِثُهَا (إلَّا سَيِّدُ أَمَةٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute