للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا لَمْ يَتَوَلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ الْأَذَانَ لِضِيقِ وَقْتِهِمْ عَنْهُ قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَأَمَّا إمَامَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِمَامَةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَكَانَتْ مُتَعَيَّنَةً عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا وَظِيفَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ فَصَارَتْ الْإِمَامَةُ فِي حَقِّهِمْ أَفْضَلَ مِنْ الْأَذَانِ، لِخُصُوصِ أَحْوَالِهِمْ وَإِنْ كَانَ لِأَكْثَرِ النَّاسِ الْأَذَانُ أَفْضَلَ (وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ) أَيْ الْأَذَانِ (وَبَيْنَ الْإِمَامَةِ) بَلْ ذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا أَفْضَلُ وَقَالَ أَيْضًا: مَا صَلُحَ لَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ.

(وَهُوَ) أَيْ: الْأَذَانُ (وَالْإِقَامَةُ فَرْضَا كِفَايَةٍ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمُؤَدَّاةِ وَالْجُمُعَةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى أَحَدِهِمْ.

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُؤَذَّنُ وَلَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَا فَرْضَ كِفَايَةٍ كَالْجِهَادِ، وَذِكْرِ الْجُمُعَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِدُخُولِهَا فِي الْخَمْسِ (دُونَ غَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْخَمْسِ، فَلَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِمَنْذُورَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ، وَلَا جِنَازَةٍ، وَلَا عِيدٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، عَلَى الْأَعْيَانِ، وَالْقِيَامُ إلَيْهَا وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْخَمْسِ الْمُؤَدَّاةِ (لِلرِّجَالِ جَمَاعَةٌ) أَيْ: عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ بِمَكَانٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمْعِ هُنَا اثْنَانِ فَأَكْثَرُ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: الْأَحْرَارِ، إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا، أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ (فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَغَيْرِهِمَا حَضَرًا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.

(وَيُكْرَهَانِ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى، وَلَوْ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا لِلْخِلَافَاتِ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ اهـ وَيَأْتِي قَوْلُهُ: وَتُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ إنْ سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ أَيْ: وُجُوبًا، وَلَا فَرْقَ،.

وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ (مَسْنُونَانِ لِقَضَاءِ) فَرِيضَةٍ مِنْ الْخَمْسِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ «كُنَّا مَعَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَنَامَ عَنْ الصُّبْحِ، حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: تَنَحَّوْا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

(وَ) يُسَنُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ أَيْضًا (لِمُصَلٍّ وَحْدَهُ وَمُسَافِرٍ وَرَاعٍ وَنَحْوِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>