لِخَبَرِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْت الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «يَعْجَبُ رَبُّك مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ الشَّظِيَّةِ لِلْجَبَلِ، يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي وَأَدْخَلْته الْجَنَّةَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِ) أَيْ: الْأَذَانِ (فِي الْقَضَاءِ إنْ خَافَ تَلْبِيسًا، وَكَذَا) لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ إذَا أَذَّنَ (فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأَذَانِ) الْمَعْهُودِ لَهُ عَادَةً كَأَوَاسِطِ الْوَقْتِ وَأَوَاخِرِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّلْبِيسِ.
(وَكَذَا) لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِأَذَانٍ (فِي بَيْتِهِ الْبَعِيدِ عَنْ الْمَسْجِدِ بَلْ يُكْرَهُ) لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ إذَنْ (لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَنْ يَقْصِدُ الْمَسْجِدَ) إذَا سَمِعَهُمَا وَقَصَدَهُمَا جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ (وَلَيْسَا) أَيْ: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ (بِشَرْطٍ لِلصَّلَاةِ، فَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (بِدُونِهِمَا) لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا بِمَسْجِدٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ وَيَأْتِي (وَيُشْرَعَانِ) أَيْ: يُسَنَّانِ (لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ فِي غَيْرِ الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي) وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: غَيْرِ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَإِنْ كَانَ) مَنْ يَقْضِي الصَّلَاةَ (فِي بَادِيَةٍ رَفَعَ صَوْتَهُ) بِالْأَذَانِ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ فِي الرِّعَايَةِ، وَحَسَّنَهُ فِي الْإِنْصَافِ، لِأَمْنِ اللَّبْسِ.
(وَلَا يُشْرَعَانِ) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَتَى الْمَسْجِدَ بَلْ حَصَلَتْ لَهُمْ الْفَضِيلَةُ) بِأَذَانِ أَحَدِهِمْ (كَقِرَاءَةِ الْإِمَامِ) تَكُونُ قِرَاءَةً (لِلْمَأْمُومِ) .
وَهَلْ صَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فَضْلٌ يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ، أَمْ هِيَ وَصَلَاةُ مَنْ أُذِّنَ لَهُ سَوَاءٌ لِحُصُولِ سُنَّةِ الْأَذَانِ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ (وَلِأَنَّهُ قَامَ بِهِمَا) أَيْ: الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (مَنْ يَكْفِي، فَسَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ) كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ (يَكْفِيهِمْ) أَيْ: السَّامِعِينَ (مُتَابَعَةُ الْمُؤَذِّنِ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا يَأْتِي.
(فَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُسَافِرُ) عَلَى الْإِقَامَةِ لَمْ يُكْرَهْ (أَوْ) اقْتَصَرَ (الْمُنْفَرِدُ عَلَى الْإِقَامَةِ) لَمْ يُكْرَهْ نَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ صَلَّى بِدُونِهَا) أَيْ: الْإِقَامَةِ (فِي مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ) كَمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَتَقَدَّمَ قُلْت وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ فِعْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(وَيُنَادَى لِعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، أَوْ الصَّلَاةَ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُنَادَى لِكُسُوفٍ لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَاسْتِسْقَاءٍ وَعِيدٍ الصَّلَاةَ جَامِعَةً أَوْ الصَّلَاةَ، بِنَصْبِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى الْحَالِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: بِنَصْبِهِمَا وَرَفْعِهِمَا وَقِيلَ: لَا يُنَادَى وَقِيلَ: لَا يُنَادَى فِي عِيدٍ كَجِنَازَةٍ وَتَرَاوِيحَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ «لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ خُرُوجِ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute