(كَالْيَهُودِ وَالسَّامِرَةِ) فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ الْإِفْرِنْجِ وَالْأَرْمَنِ وَغَيْرِهِمْ فَأَمَّا الْمُتَمَسِّكُ مِنْ الْكُفَّارِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيم وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد (فَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ ولِأَنَّ تِلْكَ الْكُتُبَ لَيْسَتْ بِشَرَائِعَ إنَّمَا هِيَ مَوَاعِظُ وَأَمْثَالٌ فَ (لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَكَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهَا غَيْرُ كِتَابِيٍّ وَلَوْ اخْتَارَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَتَمَحَّضُّ كِتَابِيَّةً وَلِأَنَّهَا مُوَلَّدَةٌ بَيْن مَنْ يَحِلُّ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَحِلُّ فَلَمْ تَحِلْ كَالسِّمْعِ وَالْبَغْلِ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَبَوَاهَا غَيْرَ كِتَابِيَّيْنِ وَاخْتَارَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَالْمُبْدِعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ تَحِلُّ اعْتِبَارًا بِنَفْسِهَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ.
(وَ) يَحِلُّ (لِكِتَابِيٍّ نِكَاحُ مَجُوسِيَّةٍ) وَيَحِلُّ لِكِتَابِيٍّ أَيْضًا (وَطْؤُهَا) أَيْ الْمَجُوسِيَّةِ (بِمِلْكِ يَمِينٍ) كَالْمُسْلِمِ يَنْكِحُ الْكِتَابِيَّةَ وَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ (وَلَا) يَحِلُّ (لِمَجُوسِيٍّ) نِكَاحَ (كِتَابِيَّةٍ نَصًّا) لِأَنَّهَا أَشْرَفَ مِنْهُ فَإِنْ مَلَكَهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَتَحِلُّ نِسَاءُ بَنِي تَغْلِبَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُنَّ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَ) مِنْ (يُهَوِّدُهُمْ) لِأَنَّهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ فَيَدْخُلْنَ فِي عُمُومِ الْآيَةِ (وَالدُّرُوزِ وَالنُّصَيْرِيَّةِ وَالتَّبَّانِيَّةِ) فِرَقٌ بِجَبَلِ الشَّوْفِ وَكِسْرَوَانَ لَهُمْ أَحْوَالٌ شَنِيعَةٌ وَظَهَرَتْ لَهُمْ شَوْكَةٌ أَزَالَهَا اللَّهُ تَعَالَى (لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَلَا أَنْ يُنْكِحَهُمْ الْمُسْلِمُ وَلِيَّتَهُ) .
قُلْتُ: حُكْمُهُمْ كَالْمُرْتَدِّينَ (وَالْمُرْتَدَّةُ يَحْرُم نِكَاحُهَا عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَتْ) عَلَيْهِ وَإِنْ تَدَيَّنَتْ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَى دِينِهَا.
(وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ وَلَوْ) كَانَ (خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا إذَا كَانَ لَهُ شَهْوَةٌ يَخَافُ مَعَهَا مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ بِالْمُبَاشَرَةِ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ) الْحُرُّ (عَنَتَ الْعُزُوبَةِ إمَّا لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ وَإِمَّا لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ سَقَمً وَنَحْوِهِمَا نَصًّا وَلَا يَجِدُ طَوْلًا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ) .
كَانَتْ (كِتَابِيَّةً بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ حَاضِرٌ يَكْفِي لِنِكَاحِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِ أَمَةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً فَتَحِلُّ) لَهُ الْأَمَةُ إذَنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ِ} [النساء: ٢٥] إلَى قَوْلِهِ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] هَذَا إنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ وَجَبَتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً لِأَنَّ الْمُنْفِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute