يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ عَنْهُ فَيُعَفُّ بِحُرَّةٍ.
وَإِنْ قَدَرَ عَلَى ثَمَنِ أَمَةٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَمَةً قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكُ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْخُلَاصَةُ وَالنَّظْمُ وَالشَّرْحُ وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَطَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَدَّمَ الثَّانِي فِي التَّلْقِيحِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ (وَالصَّبْرُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ (مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ وُجُودِ مَا تَقَدَّمَ اعْتِبَارُهُ (خَيْرٌ وَأَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [النساء: ٢٥] (١) .
(وَلَهُ) أَيْ لِلْحُرِّ (فِعْلُ ذَلِكَ) أَيْ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (مَعَ صِغَر زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ) مَعَ (غَيْبَتِهَا أَوْ) مَعَ (مَرَضِهَا) بِحَيْثُ تَعْجَزُ بِهِ عَنْ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْحُرَّةَ الَّتِي لَا تُعِفُّهُ كَالْعَدَمِ (أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَكِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ) حُرَّةً (لِقُصُورِ نَسَبِهِ) فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعِ الطَّوْلِ إلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ (أَوْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ) فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ خَوْفُ الْعَنَتِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعِ الطَّوْلِ لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ.
(فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ) مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ الْمُقْرِض يُطَالِبُهُ بِهِ فِي الْحَالِ (أَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا) لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهَا تُطَالِبهُ بِهِ (أَوْ) رَضِيَتْ الْحُرَّةُ (بِدُونِ مَهْرِ مِثْلهَا أَوْ) رَضِيَتْ (بِتَفْوِيضِ بُضْعِهَا) لَمْ يَلْزَمهُ لِأَنَّ لَهَا طَلَبُ فَرْضِهِ (أَوْ بَذَلَهُ لَهُ بَاذِلٌ أَنْ يَزِنَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ عَنْهُ (أَوْ أَنْ يَهَبَهُ) لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ (أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُزَوِّجُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِزِيَادَةٍ تُجْحِفُ بِمَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَنْ يَتَزَوَّجَ الْحُرَّةَ.
وَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ حَيْثُ خَافَ الْعَنَتَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ طَوْلًا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي خَشْيَةِ الْعَنَتِ وَ) فِي (عَدَمِ الطَّوْلِ) لِأَنَّهُ أَدْرَى بِحَالِ نَفْسِهِ (حَتَّى لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ) أَنَّهُ (مُضَارَبَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ قُلْت بِلَا يَمِينٍ لِعَدَمِ الْخَصْمِ (وَنِكَاحُ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ) مَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ (أَوْلَى مِنْ) نِكَاحِ (أَمَةٍ) لِأَنَّ اسْتِرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَخَفُّ مِنْ اسْتِرْقَاقِ كُلِّهِ.
(وَمَتَى تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا) لِنِكَاحِ حُرَّةٍ (حَالَ النِّكَاحِ أَوْ) ذَكَرَ أَنَّهُ (لَمْ يَكُنْ يَخْشَى الْعَنَتَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ (فَإِنْ كَانَ) إقْرَارُهُ بِذَلِكَ (قَبْلَ الدُّخُولِ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ فَلَا مَهْرَ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ.
(وَإِنْ كَذَّبَهُ) السَّيِّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute