للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تُرَدُّ الْحُرَّةُ بِعَيْبٍ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ وَلَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ (١) فِي النِّكَاحِ فَجَازَ رَدُّهَا بِعَيْبٍ، كَالصَّدَاقِ، وَالرَّجُلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَيَثْبُت لَهُ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ فِي الْآخَرِ كَالْمَرْأَةِ وَلِأَنَّ الْجَبَّ وَالرَّتَقَ وَنَحْوَهُمَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ الْوَطْءَ بِخِلَافِ الْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَنَحْوِهِمَا وَأَمَّا الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ فَتُوجِبُ نُفْرَةً تَمْنَعُ قُرْبَانَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُخَافُ مِنْ التَّعَدِّي إلَى نَفْسِهِ وَنَسْلِهِ وَالْمَجْنُونُ يُخَاف مِنْهُ الْجِنَايَةَ، فَصَارَتْ كَالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ (فَإِنْ) جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَ (أَمْكَنَ وَطْؤُهُ بِالْبَاقِي فَادَّعَاهُ) أَيْ إمْكَانَ وَطْئِهِ بِالْبَاقِي مِنْ ذَكَرِهِ وَ (أَنْكَرَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا) لِأَنَّهُ يَضْعُفُ بِالْقَطْعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ.

(وَإِنْ بَانَ) الزَّوْجُ (عِنِّينًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ وَرُبَّمَا اشْتَهَاهُ وَلَا يُمْكِنُهُ، مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ إذَا اعْتَرَضَ، لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ أَيْ يَعْتَرِضُ (لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءَ بِإِقْرَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَانَ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) أَنَّهُ عِنِّينٌ.

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالثِّقَةِ عُمِلَ بِهَا (أَوْ بِنُكُولِهِ) عَنْ الْيَمِينِ (كَمَا يَأْتِي) أَجَلُ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ، (وَلَوْ عَبْدًا مُنْذُ تَرَافُعِهِ إلَى الْحَاكِمِ) فَيَضْرِبُ الْحَاكِمُ (لَهُ الْمُدَّةَ وَلَا يَضْرِبُهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ لِمَا رُوِيَ " أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً " وَرَوَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ، كَالْجَبِّ فِي الرَّجُلِ وَالرَّتَقِ فِي الْمَرْأَة.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّ مَا لَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ مُدَّةً» فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ طَلَاقِهِ، فَلَا مَعْنَى لِضَرْبِ الْمُدَّةِ (وَلَا تُعْتَبَرُ عُنَّتُهُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَجْزُهُ لِصِغَرِهِ لَا خِلْقَةً (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ (مَا اعْتَزَلَتْهُ) الْمَرْأَةُ لَهُ بِالنُّشُوزِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا.

وَإِنَّمَا تُضْرَبُ لَهُ السَّنَةُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>