للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ لِئَلَّا يَغُرَّ النَّاسَ (وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي الْوَقْتِ، وَأَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ عَادَةً لِئَلَّا يَغُرَّ النَّاسَ وَيُكْرَهُ) الْأَذَانُ (فِي رَمَضَانَ قَبْلَ فَجْرٍ ثَانٍ، مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ (أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ مَنْ يُؤَذِّنُ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَلَا) يُكْرَهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت» .

(وَمَا سِوَى التَّأْذِينِ قَبْلَ الْفَجْرِ) وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ (مِنْ التَّسْبِيحِ وَالنَّشِيدِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي الْمَآذِنِ) أَوْ غَيْرِهَا (فَلَيْسَ بِمَسْنُونٍ وَمَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَهْدِ أَصْحَابِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِهِمْ يُرَدُّ إلَيْهِ (فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ وَلَا يُنْكِرَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ وَلَا يُعَلِّقَ اسْتِحْقَاقَ الرِّزْقِ بِهِ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى بِدْعَةٍ (وَلَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ) لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ (وَقَالَ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ تَلْبِيسِ إبْلِيسَ: وَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَقُومُ بِلَيْلٍ كَثِيرًا عَلَى الْمَنَارَةِ فَيَعِظُ وَيُذَكِّرُ، وَيَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، فَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ نَوْمِهِمْ، وَيَخْلِطُ عَلَى الْمُتَهَجِّدِينَ قِرَاءَتَهُمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ انْتَهَى.

(وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِقَامَةَ) بَعْدَ الْأَذَانِ (بِقَدْرِ) مَا يَفْرُغُ الْإِنْسَانُ مِنْ (حَاجَتهِ) أَيْ: بَوْلِهِ وَغَائِطِهِ (وَ) بِقَدْرِ (وُضُوئِهِ، وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، وَلِيَفْرُغَ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَالشَّارِبِ مِنْ شُرْبِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ «اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُقْتَضِي إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

(وَ) يُسَنُّ (فِي الْمَغْرِبِ) أَيْ: إذَا أَذَّنَ لَهَا أَنْ (يَجْلِسَ قَبْلَهَا) أَيْ: الْإِقَامَةِ (جِلْسَةً خَفِيفَةً) لِمَا سَبَقَ وَلِمَا رَوَى تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ سُنَّةٌ فِي الْمَغْرِبِ» وَلِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ فَسُنَّ تَأْخِيرُ الْإِقَامَةِ لِلْإِدْرَاكِ كَمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا فِي غَيْرِهَا (وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا) وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ) قَالَ بَعْضُهُمْ خَفِيفَتَيْنِ وَقِيلَ: وَالْوُضُوءِ (ثُمَّ يُقِيمُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالْأَوَّلُ، أَيْ: الْجُلُوسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً: هُوَ الْمَذْهَبُ انْتَهَى قُلْت فَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْخُلْفُ لَفْظِيٌّ فَيَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَعْنًى.

(وَلَا يُحْرِمُ إمَامٌ وَهُوَ) أَيْ: الْمُقِيمُ (فِي الْإِقَامَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْإِقَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>