(وَيُسْتَحَبُّ) الْإِحْرَامُ (عَقِبَ فَرَاغهِ مِنْهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ وَظَاهِرُهُ: لَا تُعْتَبَرُ مُوَالَاةٌ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ إذَا أَقَامَ عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، لِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " أَتُصَلِّي فَأُقِيمَ " وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ ذَهَبَ فَاغْتَسَلَ» وَظَاهِرُهُ: طُولُ الْفَصْلِ وَلَمْ يُعِدْهَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَتُبَاحُ رَكْعَتَانِ قَبْلَ) صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ) بَعْدَ أَذَانِهِ فَلَا يُكْرَهَانِ وَلَا يُسْتَحَبَّانِ وَعَنْهُ يُسَنُّ فِعْلُهُمَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَعَنْهُ " بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ " قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ (وَفِيهِمَا) أَيْ: الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ ثَوَابٌ قُلْت هَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُفْرَدَاتِ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا (ثَوَابَ) فِي فِعْلِهِ وَلَا تَرْكِهِ.
(وَيَحْرُمُ خُرُوجٌ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَ الْأَذَانِ، بِلَا عُذْرٍ أَوْ نِيَّةِ رُجُوعٍ) لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ، لَمْ يَخْرُجْ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ فَهُوَ مُنَافِقٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى) .
نَقَلَ صَالِحٌ لَا يَخْرُجُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يَنْبَغِي وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَكَرِهَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ يَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ أَذَانِ الْفَجْرِ نَصَّ عَلَيْهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ: إنْ كَانَ التَّأْذِينُ لِلْفَجْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يُكْرَهْ الْخُرُوجُ) أَيْ: مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (نَصًّا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقُومَ) الْإِنْسَانُ (إذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ) أَيْ: شَرَعَ (فِي الْأَذَانِ) (بَلْ يَصْبِرُ قَلِيلًا) أَيْ: إلَى أَنْ يَفْرُغَ، أَوْ يُقَارِبَ الْفَرَاغَ (لِأَنَّ فِي التَّحَرُّكِ عِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ تَشَبُّهًا بِالشَّيْطَانِ) حَيْثُ يَفِرُّ عِنْدَ سَمَاعِهِ كَمَا فِي الْخَبَرِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ يَخْرُجُ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فَحِينَ انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ الصَّفِّ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَجَلَسَ انْتَهَى لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ وَبِلَالٌ فِي الْإِقَامَةِ فَقَعَدَ» .
(وَمَنْ جَمَعَ صَلَاتَيْنِ) أَذَّنَ لِلْأُولَى، وَأَقَامَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(أَوْ قَضَى فَوَائِتَ أَذَّنَ لِ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى فَقَطْ ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ) لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ شَغَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute