للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَوْرَةِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ.

(وَالْعَوْرَةُ سَوْأَةُ الْإِنْسَانِ) أَيْ: قُبُلُهُ وَدُبُرُهُ قَالَ تَعَالَى {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه: ١٢١] (وَكُلُّ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ) عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، سُمِّيَتْ عَوْرَةً لِقُبْحِ ظُهُورِهَا، ثُمَّ إنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ (فَمَعْنَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ تَغْطِيَةُ مَا يَقْبُحُ ظُهُورُهُ وَيُسْتَحَى مِنْهُ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَسَتْرُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (فِي الصَّلَاةِ عَنْ النَّظَرِ، حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ) .

فَلَوْ كَانَ جَيْبُهُ وَاسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنْ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ مِنْهُ إذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ، وَجَبَ زَرُّهُ وَنَحْوُهُ لِيَسْتُرَهَا، لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ (وَ) حَتَّى (خَلْوَةً) فَيَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ خَلْوَةً كَمَا يَجِبُ لَوْ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا، مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قُلْت: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ فَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَ (لَا) يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ عَنْ النَّظَرِ (مِنْ أَسْفَلَ وَلَوْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ) إلَيْهَا مِنْ أَسْفَلَ، بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ، بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِهِ لَرَأَى عَوْرَتَهُ.

وَفِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ: وَالْأَظْهَرُ بَلَى إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ (وَاجِبٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَسَتْرُهَا (بِسَاتِرٍ لَا يَصِفُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ، سَوَادَهَا وَبَيَاضَهَا) لِأَنَّ مَا وَصَفَ سَوَادَ الْجِلْدِ أَوْ بَيَاضَهُ لَيْسَ بِسَاتِرٍ لَهُ (فَإِنْ) سَتَرَ اللَّوْنَ، وَوَصَفَ (الْحَجْمَ) أَيْ: حَجْمَ الْأَعْضَاءِ (فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّ الْبَشَرَةَ مَسْتُورَةٌ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَيَكْفِي فِي سَتْرِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ وَرَقُ شَجَرٍ وَحَشِيشٌ وَنَحْوُهَا) كَخُوصٍ مَضْفُورٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهَا، وَقَدْ حَصَلَ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِسَتْرِهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِسَاتِرٍ فَكَفَى أَيُّ سَاتِرٍ (وَ) يَكْفِي فِي سَتْرِهَا أَيْضًا (مُتَّصِلٌ بِهِ، كَيَدِهِ وَلِحْيَتِهِ) .

فَإِذَا كَانَ جَيْبُهُ وَاسِعًا تُرَى مِنْهُ عَوْرَتُهُ فَضَمَّ بِيَدِهِ أَوْ غَطَّتْهُ لِحْيَتُهُ، فَمَنَعَتْ رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ لِحُصُولِ السَّتْرِ.

وَكَذَا لَوْ كَانَ بِثَوْبِهِ حِذَاءَ فَخِذِهِ وَنَحْوِهِ خَرْقٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) سَتْرُ عَوْرَتِهِ (بِبَارِيَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا: مَا يُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْحَصِيرِ مِنْ قَصَبٍ.

وَفِي الْقَامُوسِ: هِيَ الْحَصِيرُ (وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّهُ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالْحَرَجِ.

(وَلَا) يَلْزَمُهُ أَيْضًا سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِ (حَفِيرٍ وَطِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ.

وَفِي الْحَفِيرَةِ حَرَجٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>