للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ الطِّينُ لَا الْمَاءُ (وَلَا) يَكْفِي سَتْرُهَا (بِمَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَاتِرٍ قُلْتُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

(وَيَجِبُ سَتْرُهَا كَذَلِكَ) أَيْ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ، لَا مِنْ أَسْفَلَ حَتَّى خَلْوَةً (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَحَمَّامٍ) لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ يَجِبُ سَتْرُهَا مُطْلَقًا حَتَّى خَلْوَةً عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ كَشْفُهَا خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِكَشْفِهَا الْمُحَرَّمِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِ هَذَا لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ هُوَ وَلَا لَمْسُهَا اتِّفَاقًا.

(وَيَجُوزُ كَشْفُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَ) يَجُوزُ (نَظَرُ الْغَيْرِ إلَيْهَا لِضَرُورَةٍ، كَتَدَاوٍ وَخِتَانٍ، وَمَعْرِفَةِ بُلُوغٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ، وَعَيْبٍ، وَوِلَادَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَحَلْقِ عَانَةٍ لَا يُحْسِنُهُ وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي النِّكَاحِ.

(وَيَجُوزُ كَشْفُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (وَنَظَرُهَا لِزَوْجَتِهِ وَعَكْسُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» .

(وَ) يَجُوزُ كَشْفُهَا وَنَظَرُهَا (لِأَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ، وَهِيَ لِسَيِّدِهَا) أَيْ يَجُوزُ لِلْأَمَةِ الْمُبَاحَةِ كَشْفُ عَوْرَتِهَا لِسَيِّدِهَا وَنَظَرُهَا لِعَوْرَتِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ الْمَجُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا، وَالْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ، وَالْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ غَيْرِهِ.

(وَ) يَجُوزُ (كَشْفُهَا لِحَاجَةٍ، كَتَخَلٍّ وَاسْتِنْجَاءٍ وَغُسْلٍ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِطَابَةِ وَالْغُسْلِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا) لِتَدَاوٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، لَكِنْ يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَنْكِحَةِ نَقَلَهُ عَنْ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.

(وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) أَيْ: الذَّكَرِ الْبَالِغِ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا أَوْ ابْنَ عَشْرٍ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِحَدِيثِ «عَلِيٍّ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ» رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ.

وَعَنْ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «مَرَّ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ وَقَدْ انْكَشَفَتْ فَخِذِي فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا.

وَفِي إسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

(وَ) عَوْرَةُ (الْأَمَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى رُكْبَتِهِ عَوْرَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد يُرِيدُ بِهِ الْأَمَةَ فَإِنَّ الْأَجِيرَ وَالْعَبْدَ لَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِالتَّزْوِيجِ وَعَدَمِهِ وَكَانَ عُمَرُ يَنْهَى الْإِمَاءَ عَنْ التَّقَنُّعِ وَقَالَ: إنَّمَا الْقِنَاعُ لِلْحَرَائِرِ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>