ذَلِكَ كُلِّهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِ الْجَانِي.
(وَإِنْ قَطَعَ) أَيْ أَبَانَ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُكَلَّفٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ (أَوْ بَطَّ أَيْ شَرَطَ سِلْعَةً خَطِرَةً) لِيُخْرِجَ مَاءَهَا (مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُكَلَّفٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ جَرَحَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ جُرْحًا لَا يَجُوزُ لَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَحَيْثُ تَعَمَّدَهُ كَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ، لَكِنْ إنْ جَنَتْ يَدُهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ (وَإِنْ فَعَلَهُ حَاكِمٌ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ) لِمَصْلَحَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) فَعَلَهُ (وَلِيُّهُمَا) أَيْ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (لِمَصْلَحَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ وَصِيَّهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ خَتَنَهُ فَمَاتَ.
الْقِسْمُ (الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ) كَبِيرٍ (فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي تَتَّخِذُهُ الْعَرَبُ لِبُيُوتِهَا فِيهِ رِقَّةٌ وَرَشَاقَةٌ لَا) بِمُثْقَلٍ (كَحُوٍّ) أَيْ كَعَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا «سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارِيَتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَبِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَيْسَ بِعَمْدٍ وَأَنَّ الْعَمْدَ يَكُونُ بِمَا فَوْقَهُ.
(وَأَمَّا الْعَمُودُ تَتَّخِذُهُ التُّرْكُ وَغَيْرُهُمْ لِخِيَامِهِمْ فَالْقَتْلُ بِهِ عَمْدٌ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ يَضْرِبُهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ كَاللُّتِّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ، وَالدَّبُّوسِ وَعَقِبِ الْفَأْسِ وَالْكُوذِينَ: الْخَشَبَةُ الثَّقِيلَةُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ، وَالسِّنْدَانِ أَوْ) يَضْرِبُهُ (بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ يُلْقِي عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا أَوْ صَخْرَةً أَوْ خَشَبَةً عَظِيمَةً، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ يُكَرِّرُ الضَّرْبَ) عَلَيْهِ (بِخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا (أَوْ يَضْرِبُهُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْخَشَبَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْحَجَرِ الصَّغِيرِ مَرَّةً فِي مَقْتَلٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ (يَلْكُزُهُ بِيَدِهِ فِي مَقْتَلٍ أَوْ فِي حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ مُفْرِطٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَنَحْوِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَقْتُلُ غَالِبًا.
(وَإِنْ ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يُقْبَلْ) وَكَذَا إنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الضَّرْبُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْخَشَبَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْحَجَرِ الصَّغِيرِ أَوْ اللَّكْزِ بِالْيَدِ فِي مَقْتَلٍ وَلَا فِي حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَ (فَفِيهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ عَمْدُ الْخَطَإِ) لِكَوْنِهِ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا إذَنْ (إلَّا أَنْ يَصْغُرَ جِدًّا كَالضَّرْبَةِ بِالْقَلَمِ أَوْ الْإِصْبَعِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَسَّهُ بِالْكَبِيرِ وَلَمْ يَضْرِبْهُ) بِهِ (فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute