فَقَالَ الْقَاضِي الضَّمَانُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُورِ، لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ (دُونَ الْإِمَامِ، قَالَ الْمُوَفَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ عَامِّيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ وَالْمُقَلِّدِ فَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ فِيمَا يَرَاهُ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْقَتْلِ وَالْقَاتِلُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ) كَمَا لَوْ أَمَرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْقَتْلِ بِهِ.
(وَإِنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ لَا لِلَّعِبِ وَالضَّرْبِ فَقَتَلَهُ، مِثْلُ إنْ أَمْسَكَهُ لَهُ حَتَّى ذَبَحَهُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُمْسِكِ (وَلَا دِيَةَ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ نَحْوَهُ مِنْ قَضَاءِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّهُ حَبَسَهُ إلَى الْمَوْتِ فَحُبِسَ إلَى أَنْ يَمُوتَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى.
وَفِي الْمُبْدِع يُحْبَسُ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى يَمُوتَ (وَإِنْ كَانَ الْمُمْسِكُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاتِلَ يَقْتُلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ مَوْتَهُ لَيْسَ بِفِعْلِهِ وَلَا بِأَثَرِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْقَتْلِ، لِأَنَّ السِّرَايَةَ أَثَرُ جُرْحِهِ الْمَقْصُودِ لَهُ.
(وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فَمَهُ وَسَقَاهُ الْآخَرُ سُمًّا) فَيُقْتَلُ السَّاقِي وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ.
(أَوْ تَبَعَ) مُكَلَّفٌ (رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ) الرَّجُلُ (فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَحَبَسَهُ) فَأَدْرَكَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَأُقِيدَ مِنْ الْقَاطِعِ وَحُبِسَ حَتَّى يَمُوتَ (أَوْ أَمْسَكَهُ آخَرُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ) فَيُقْطَعُ الْقَاطِعُ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يُقْطَعَ طَرَفُهُ (فَلَوْ قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ فَقَالَ الْقَاضِي يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي قَتْلِهِ (وَخَالَفَهُ الْمَجْدُ) لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةٌ فِي قَتْلِهِ وَهِيَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ اخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّ لَهُ قَتْلَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَادَّعَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى إجْمَاعًا لِأَنَّ قَتْلَهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا.
(وَإِنْ كَتَّفَهُ وَطَرَحَهُ فِي أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ) فِي أَرْضٍ (ذَاتِ حَيَّاتٍ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ كَانَتْ) الْأَرْضُ (غَيْرَ مَسْبَعَةٍ) وَلَا ذَاتَ حَيَّاتٍ (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute