للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ» وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «مِنْ اللَّيْلِ» وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ فَيَجِبُ، وَإِنْ شُدَّتْ يَدَاهُ أَوْ جُعِلَتْ فِي جِرَابٍ وَنَحْوِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَمْسُ أَوْ الْحُصُولُ (بَعْد نِيَّةِ غَسْلِهَا أَوْ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ النِّيَّةِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.

(لَكِنْ إنْ لَمْ يَجِدُ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَا غَمَسَ فِيهِ الْقَائِمُ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ يَدَهُ أَوْ حَصَلَ فِي كُلِّهَا (اسْتَعْمَلَهُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِطَهُورِيَّتِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْقَائِلِ بِطَهَارَتِهِ (فَيَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ) وَيَسْتَعْمِلُهُ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) لِيَقَعَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بِيَقِينٍ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ؛ لِأَنَّهُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ قَلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ عَنْ خَبَثٍ اسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ إنْ كَانَتْ بِالْبَدَنِ.

(وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِ يَدَيْ الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ (فِي شُرْبٍ وَغَيْرِهِ) كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَأَوْلَى لِطَهَارَتِهِ قُلْت وَمِثْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا غَسَلَ بِهِ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ لِخُرُوجِ مَذْيٍ دُونَهُ (وَلَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهَا) أَيْ يَدُ الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ (فِي مَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ) كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ نَجِسَةٍ لَكِنْ يُكْرَهُ غَمْسُهَا فِي مَائِعٍ، وَأَكْلُ شَيْءٍ رَطْبٍ بِهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَلَوْ اسْتَيْقَظَ مَحْبُوسٌ مِنْ نَوْمِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ) أَيْ الِاسْتِيقَاظُ (مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ أَمْ نَهَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُ يَدَيْهِ؟) ؛ لِأَنَّا لَا نُوجِبُ بِالشَّكِّ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُوجِبُ.

(وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّبِّ مِنْهُ) كَحَوْضٍ مَبْنِيٍّ (بَلْ) يَقْدِرُ (عَلَى الِاغْتِرَافِ) مِنْهُ (وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ وَيَدَاهُ نَجِسَتَانِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِفِيهِ) إنْ أَمْكَنَهُ (وَيَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ نَصًّا) حَتَّى يُطَهِّرَهُمَا (أَوْ يَبُلُّ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ فِيهِ) أَيْ الْمَاءُ (وَيَصُبُّهُ عَلَى يَدَيْهِ) حَتَّى يُطَهِّرَهُمَا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) ذَلِكَ (تَيَمَّمَ وَتَرَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَ بِئْرًا وَلَمْ يَجِد آلَةً يَسْتَقِي بِهَا مِنْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُونَا نَجِسَتَيْنِ لَكِنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ فَفِي الشَّرْحِ مَنْ قَالَ أَنَّ غَمْسَهُمَا لَا يُؤَثِّرُ، قَالَ يَتَوَضَّأُ وَمَنْ جَعَلَهُ مُؤَثِّرًا قَالَ يَتَوَضَّأُ وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ انْتَهَى وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ غَمْسَ الْبَعْضِ كَالْكُلِّ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَغْتَرِفُ بِبَعْضِ يَدِهِ، وَيَغْسِلهُمَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِلَا تَيَمُّمٍ.

(وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ وَنَحْوُهُ) كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ (بِانْغِمَاسِهِ كُلِّهِ أَوْ) انْغِمَاسِ (بَعْضِهِ) مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا (فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) لَا كَثِيرٍ (رَاكِدٍ أَوْ جَارٍ رَفْعُ حَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ) حَدَثُهُ بِذَلِكَ.

قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: قَالَ أَصْحَابُنَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ أَوَّلِ جُزْءٍ يَقَعُ مِنْهُ أَيْ فِي الْمَاءِ، فَيَحْصُلُ غَسْلُ مَا سِوَاهُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فَلَا يُجْزِئُهُ (وَصَارَ) الْمَاءُ (مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ) مِنْ الْمُنْغَمِسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>