أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَمْ تُؤْخَذْ دِيَتُهَا قَبْلَ مُضِيّهَا ثُمَّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْبَصَرِ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَنَقَصَ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ أَوْ اسْوَدَّ بَيَاضُهُمَا أَوْ احْمَرَّ) بَيَاضُهُمَا (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْبَصَرُ فَحُكُومَةٌ) لَا مُقَدَّرَ لَهُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيَحْلِفُ وَلَهُ حُكُومَةٌ (وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (نَقْصَ ضَوْءِ إحْدَاهُمَا عُصِبَتْ) الْعَيْنُ (الْعَلِيلَةُ وَأُطْلِقَتْ) الْعَيْنُ (الصَّحِيحَةُ) بِلَا عَصْبٍ (وَنُصِبَ لَهُ شَخْصٌ وَيُعْطَى الشَّخْصُ شَيْئًا كَبَيْضَةٍ مَثَلًا وَيَتَبَاعَدُ عَنْهُ فِي جِهَةٍ) وَفِي نُسَخٍ فِي وَجْهِهِ (شَيْئًا فَشَيْئًا فَكُلَّمَا قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ فَوَصَفَ لَوْنَهُ عُلِمَ صِدْقُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ فَإِنْ انْتَهَتْ رُؤْيَتُهُ عُلِّمَ مَوْضِعُ الِانْتِهَاءِ بِخَيْطٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تُشَدُّ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُنْصَبُ لَهُ الشَّخْصُ، ثُمَّ يَذْهَبُ فِي الْجِهَةِ) الَّتِي ذَهَبَ فِيهَا أَوَّلًا (حَتَّى تَنْتَهِيَ رُؤْيَتُهُ فَيُعْلَمُ مَوْضِعُهَا) كَمَا فَعَلَ أَوَّلًا (ثُمَّ يُرَدُّ الشَّخْصُ إلَى انْتِهَاءِ جِهَةٍ أُخْرَى فَيُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الْمَسَافَتَانِ، ثُمَّ يُذَرَّعَانِ وَيُقَابِلُ بَيْنَهُمَا) .
فَإِنْ كَانَتَا سَوَاءً فَقَدْ صَدَقَ وَيَنْظُرُ، كَمْ بَيْن مَسَافَةِ الْعَلِيلَةِ وَالصَّحِيحَةِ؟ وَيُحْكَمُ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْجَانِي رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَسَافَتَانِ فَقَدْ كَذَبَ فَيُرَدَّدُ) بِأَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا سَبَقَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (حَتَّى تَسْتَوِيَ الْمَسَافَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فَيُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الدِّيَةِ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ جَنَى عَلَى عَيْنَيْهِ فَنَدَرَتَا) أَيْ كَبِرَتَا وَفِي نُسَخٍ فَفَسَدَتَا (أَوْ احْوَلَّتَا أَوْ اعْمَشَّتَا وَنَحْوِهِ فَحُكُومَةٌ كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَاعْوَجَّتْ) لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ شَرْعًا، وَالْحُكُومَةُ: أَرْشُ مَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ.
(وَالْجِنَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ) فِيمَا تُوجِبُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ (لَكِنْ الْمُكَلَّفُ خَصْمٌ لِنَفْسِهِ وَالْخَصْمُ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا) لِقِيَامِهِ مَقَامِهِمَا كَالْأَمْوَالِ (فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا لَمْ يَحْلِفَا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا (وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) عَنْهُمَا، لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ فِيهَا (فَإِذَا تَكَلَّفَا حَلَفَا) قُلْتُ: وَظَاهِرُهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ.
(وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ قَلْعَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ يَتَضَمَّنُ إذْهَابَ الْبَصَرِ كُلِّهِ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ أَذْهَبَهُ مِنْ الْعَيْنَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِعَيْنِ الْأَعْوَرِ مَا يَحْصُلُ بِالْعَيْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَرَى الْأَشْيَاءَ الْبَعِيدَةَ وَيُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ اللَّطِيفَةَ وَيَعْمَلُ أَعْمَالَ الْبَصِيرِ وَلِأَنَّ النَّقْصَ الْحَاصِلَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَنْقِيصِ أَحْكَامِهِ (فَإِنْ قَلَعَهَا) أَيْ عَيْنَ الْأَعْوَرِ (صَحِيحٌ فَلَهُ) أَيْ الْأَعْوَرِ (الْقَوَدُ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ وَالْعَمْدُ الْمَحْضُ (مَعَ أَخْذِ نِصْفِ الدِّيَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute