لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ بِقَلْعِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ جَمِيعُ بَصَرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُ بَصَرِ الْقَالِعِ بِقَلْعِ عَيْنِهِ الْأُخْرَى لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَأَخَذْنَا عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ بِنَظِيرَتِهَا وَأَخَذْنَا نِصْفَ الدِّيَةِ لِنِصْفِ الْبَصَرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ.
(وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ لَا تُمَاثِلُ عَيْنِهِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَ دِيَةٍ (أَوْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (الْمُمَاثِلَةَ خَطَأً فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ قَلَعَهَا ذُو عَيْنَيْنِ (وَإِنْ قَلَعَ لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ) لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ بَصَرِ الْأَعْوَرِ وَهُوَ إنَّمَا ذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِ الصَّحِيحِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفَى أَكْثَر مِنْ جِنَايَتِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَعْوَرِ إذَنْ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ) فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي أُسْقِطَ عَنْهُ رِفْقًا بِهِ وَلَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ لَذَهَبَ مَا لَوْ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ لَوَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً هُنَا لِأَنَّهَا بَدَلُ الْوَاجِبِ.
(وَإِنْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا خُيِّرَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بَيْن قَلْعِ عَيْنِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهَا) لِأَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَ بَصَرِهِ بِجَمِيعِ بَصَرِهِ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ (وَبَيْنَ) أَخْذِ (الدِّيَةِ) لِعَيْنَيْهِ.
(وَفِي يَدِ أَقْطَعَ أَوْ رِجْلِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) وَلَوْ عَمْدًا، أَوْ كَانَتْ الْأُولَى ذَهَبَتْ هَدَرًا (كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ) لِأَنَّ الْعُضْوَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا مَنْفَعَةُ الْجِنْسِ لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَهُمَا (فَلَوْ قَطَعَ) الْأَقْطَعُ (يَدَ صَحِيحٍ) أَوْ رِجْلَهُ (قُطِعَتْ يَدُهُ) أَوْ رِجْلُهُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ عُضْوٌ أَمْكَنَ الْقَوَدَ فِي مِثْلِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْقِصَاصَ.
(وَفِي الْأَشْفَارِ) جَمَعَ شُفْرٍ (الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْأَجْفَانُ وَلَوْ مِنْ أَعْمَى الدِّيَةُ) لِأَنَّ ذَهَابَ الْبَصَرِ عَيْبٌ فِي غَيْرِ الْأَجْفَانِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ الْأَشْفَارِ (رُبْعُهَا) لِأَنَّهَا أَعْضَاءَ فِيهَا جَمَالٌ ظَاهِرٌ وَنَفْعٌ كَامِلٌ فَإِنَّهَا تُكِنُّ الْعَيْنَ وَتَحْفَظُهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَوْلَاهُ لَقَبُحَ مَنْظَرُهَا (فَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (الْعَيْنَيْنِ بِأَجْفَانِهَا وَجَبَتْ دِيَتَانِ) دِيَةٌ لِلْعَيْنَيْنِ وَدِيَةٌ لِلْأَجْفَانِ لِأَنَّ كُلًّا مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ.
(وَفِي أَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْأَجْفَانِ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ الْأَهْدَابِ (رُبْعُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (فَإِنْ قَطَعَ أَجْفَانٌ بِأَهْدَابِهَا لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ) لِأَنَّ الشَّعْرَ زَالَ تَبَعًا لِزَوَالِ الْأَجْفَانِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى الدِّيَةُ وَهِيَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَ) شَعْرُ (اللِّحْيَةِ وَ) شَعْرُ (الْحَاجِبَيْنِ كَثِيفَةً كَانَتْ) تِلْكَ الشُّعُورُ (أَوْ خَفِيفَةً جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ) أَذْهَبَهَا (بِحَيْثُ لَا تَعُودُ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الشَّعْرِ الدِّيَةُ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute