لِلدَّوَاءِ فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا عَطَشَ بِخِلَافِ مَا نَجِسَ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَرْدِ وَالرُّطُوبَةِ بِخِلَافِ الْمُسْكِرِ.
فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ رِيٌّ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ الْحَرَارَةِ مَا يُزِيدُ الْعَطَشَ (وَلَا) يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمُسْكِرِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ (إلَّا لِمُكْرَهٍ) فَيَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَقَطْ لِحَدِيثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (أَوْ مُضْطَرُّ إلَيْهِ) خَافَ التَّلَفَ (لِدَفْعِ لُقْمَةِ غَصَّ بِهَا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُسِيغُهَا) فَيَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُهُ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] وَلِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ مَطْلُوبٌ بِدَلِيلِ إبَاحَةِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا (وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ (بَوْلٌ) لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْكِرِ دُونَ الْبَوْلِ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُسْكِرِ وَالْبَوْلِ (مَاءٌ نَجِسٌ) لِأَنَّ الْمَاءَ مَطْعُومٌ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ نَجَاسَتُهُ (وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ) كَالشَّرْحِ (إنْ شَرِبَهَا) أَيْ الْخَمْرَ (لِعَطَشٍ فَإِنْ كَانَتْ مَمْزُوجَةً بِمَا يَرْوِي مِنْ الْعَطَشِ أُبِيحَتْ لِدَفْعِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ) كَمَا تُبَاحُ الْمَيْتَةُ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَكَإِبَاحَتِهَا لِدَفْعِ الْغُصَّةِ (وَإِنْ شَرِبَهَا صِرْفًا أَوْ مَمْزُوجَةً بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لَا يَرْوِي مِنْ الْعَطَشِ لَمْ تُبَحْ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تَرْوِي بَلْ تُزِيدُهُ عَطَشًا (وَعَلَيْهِ الْحَدُّ انْتَهَى) .
لِأَنَّ الْيَسِيرَ الْمُسْتَهْلَكَ فِيهَا لَمْ يَسْلُبْ عَنْهَا اسْمَ الْخَمْرِ (وَإِذَا شَرِبَهُ) أَيْ الْمُسْكِرَ (الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ مُخْتَارًا) لِحِلِّهِ لِمُكْرَهٍ (عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ سَوَاءٌ كَانَ) الشَّرَابُ الْمُسْكِرُ (مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ) لِمَا سَبَقَ (قَلِيلًا كَانَ) الَّذِي شَرِبَهُ مِنْ الْمُسْكِرِ (أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَمْ يَسْكَرْ الشَّارِبُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا جَلَدُوا شَارِبَهَا.
وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ خَمْرٌ فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ (ثَمَانُونَ جَلْدَةً) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلْهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً فَضَرَبَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكَتَبَ بِهِ إلَى خَالِدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بِالشَّامِّ وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الْمَشُورَةِ: " إذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ " رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمُخْتَلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute