مَحْفُوظَةٌ، وَأَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ وَيَتَصَفَّحَ الْأَحْوَالَ لِيَنْهَضَ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْوِيضِ تَشَاغُلًا فَقَدْ يَخُونُ الْأَمِينُ وَيَغُشُّ النَّاصِحُ وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ بِحُقُوقِ الْأُمَّةِ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقَّانِ: الطَّاعَةُ وَالنُّصْرَةُ.
(وَالْخَارِجُونَ عَنْ قَبْضَتِهِ) أَيْ طَاعَتِهِ (أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدُهَا قَوْمٌ امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَتِهِ وَخَرَجُوا عَنْ قَبْضَتِهِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ) أَيْ شُبْهَةٍ (فَهَؤُلَاءِ الْقُطَّاعُ) سَاعُونَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (الثَّانِي) قَوْمٌ (لَهُمْ تَأْوِيلٌ إلَّا أَنَّهُمْ نَفَرٌ يَسِيرٌ لَا مَنَعَةَ) أَيْ قُوَّةَ (لَهُمْ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهِمْ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ) لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتنَا لِلْعَدَدِ الْيَسِيرِ حُكْمَ الْبُغَاةِ فِي سُقُوطِ ضَمَانِ مَا أَتْلَفُوا أَفْضَى إلَى إتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ (الثَّالِثُ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ) الْمُسْلِمَ (بِالذَّنْبِ وَيُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْحَقِّ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ فَهُمْ فَسَقَةٌ) بِاعْتِقَادِهِمْ الْفَاسِدِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: تَتَعَيَّنُ اسْتِتَابَتُهُمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا عَلَى إفْسَادِهِمْ لَا عَلَى كُفْرِهِمْ (يَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُوا بِالْقِتَالِ (وَالْإِجْهَازُ عَلَى جَرِيحِهِمْ) صَحَّحَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ (وَذَهَبَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُرْتَدُّونَ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَهِيَ أَشْهَرُ وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ) .
قَالَ أَحْمَدُ الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ صَحَّ الْحَدِيثُ فِيهِمْ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ.
قَالَ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ وَفِيهَا قَالَ: " لَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ " قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرُ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَهْلَ الْحَدِيثِ عَلَى كُفْرِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَقَوْلُهُ: يَتَمَارَى فِي الْفِرَقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَقَلُوا مِنْ الْإِسْلَامِ شَيْئًا بِحَيْثُ يُشَكُّ فِي خُرُوجِهِمْ مِنْهُ.
(وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ أَصْحَابِنَا تَكْفِيرَ مَنْ خَالَفَ فِي أَصْلِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُرْجِئَةِ) الصِّنْفُ (الرَّابِعُ قَوْمُ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ بَايَعُوا الْإِمَامَ وَرَامُوا خَلْعَهُ) أَيْ عَزْلَهُ (أَوْ مُخَالَفَتَهُ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ صَوَابٍ أَوْ خَطَأٍ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ) بِحَيْثُ.
(يُحْتَاجُ فِي كَفِّهِمْ إلَى جَمْعِ جَيْشٍ وَهُمْ الْبُغَاةُ) الْمَقْصُودُونَ بِالتَّرْجَمَةِ (فَمَنْ خَرَجَ عَلَى إمَامٍ وَلَوْ غَيْرِ عَدْلٍ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ) الْأَرْبَعَةِ (بَاغِيًا وَجَبَ قِتَالُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (وَسَوَاءٌ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَّلِعٌ) أَوْ لَا (أَوْ كَانُوا فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ مُتَوَسِّطٍ تُحِيط بِهِ وِلَايَتُهُ أَوْ لَا) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute