للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ مَعَهُمْ) أَيْ الطَّائِفَةَ الَّتِي ضَمَّهَا إلَى أَهْلِ الْعَدْلِ (حَتَّى يَدْعُوَهُمْ إلَى الطَّاعَةِ) لِأَنَّهُمْ قَدْ دَخَلُوا فِي أَمَانِهِ فَإِذَا دَعَاهُمْ فَإِنْ أَطَاعُوهُ كَفَّ عَنْهُمْ وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَيَحْرُمُ أَنْ يَسْتَعِينَ) أَهْلُ الْعَدْلِ (فِي حَرْبِهِمْ) أَيْ قِتَالِهِمْ لِلْبُغَاةِ (بِكَافِرٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعَانَ بِهِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ فَلِئَلَّا يُسْتَعَانَ بِهِ فِي قِتَالِ مُسْلِمٍ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْقَصْدَ كَفُّهُمْ لَا قَتْلُهُمْ وَهُوَ لَا يَقْصِدُ إلَّا قَتْلَهُمْ (أَوْ) أَيْ وَيَحْرُمُ أَنْ يَسْتَعِينَ فِي حَرْبِهِمْ (بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْلِيطِ لَهُ عَلَى قَتْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ يَعْجِزَ أَهْلُ الْعَدْلِ عَنْ قِتَالِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ لِفِعْلِهِمْ إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَنْ يَسْتَعِينْ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ وَهُوَ خَيْلُهُمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَقَطْ) كَأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ (وَلَا يَجُوزُ) الِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَخُيُولِهِمْ (فِي غَيْرِ قِتَالِهِمْ) لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عَصَمَ أَمْوَالَهُمْ وَإِنَّمَا أُبِيحَ قِتَالُهُمْ لِرَدِّهِمْ إلَى الطَّاعَةِ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى الْعِصْمَةِ كَمَالِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (وَمَتَى انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَجَبَ رَدُّهُ) أَيْ سِلَاحِ الْبُغَاةِ (إلَيْهِمْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ) لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ كَأَمْوَالِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ اغْتِنَامُهَا لِأَنَّ مُلْكَهُمْ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا بِالْبَغْيِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ: " مَنْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مَعَ أَحَدٍ فَلْيَأْخُذْهُ " فَعَرَفَ بَعْضُهُمْ قِدْرًا مَعَ أَصْحَاب عَلِيٍّ وَهُوَ يَطْبُخُ فِيهَا فَسَأَلَهُ إمْهَالَهُ حَتَّى يَنْضَجَ الطَّبْخُ فَأَبَى وَكَبَّهُ وَأَخَذَهَا (وَالْمُرَاهِقُ مِنْهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (وَالْعَبْدُ كَالْخَيْلِ) تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمَا عَلَيْهِمْ عِنْد الضَّرُورَةِ فَقَطْ وَيُرَدَّانِ بَعْدَ الْحَرْبِ.

(وَإِذَا تَرَكُوا) أَيْ الْبُغَاةُ (الْقِتَالَ إمَّا بِالرُّجُوعِ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ أَوْ بِالْهَزِيمَةِ إلَى فِئَةٍ أَوْ) بِالْهَزِيمَةِ (إلَى غَيْرِ فِئَةٍ أَوْ بِالْعَجْزِ لِجِرَاحٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ أَسْرٍ حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَ) حَرُمَ (اتِّبَاعُ) مُدْبِرِهِمْ (وَقَتْلُ جَرِيحَهُمْ) لِمَا رَوَى مَرْوَانُ قَالَ: " صَرَخَ صَارِخٌ لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ: لَا يُقْتَلُ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ " رَوَاهُ سَعِيدٌ وَعَنْ عَمَّارٍ نَحْوُهُ كَالصَّائِلِ (فَإِنْ قُتِلَ مُدْبِرُهُمْ أَوْ جَرِيحُهُمْ فَلَا قَوَدَ) عَلَى قَاتِلِهِ (لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ) فَيَكُونُ شُبْهَةً وَلَكِنْ يَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغْنَمَ لَهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (مَالٌ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكْفُرُوا بِبَغْيِهِمْ وَلَا قِتَالِهِمْ وَعِصْمَةُ الْأَمْوَالِ تَابِعَةٌ لِدِينِهِمْ (وَلَا تُسْبَى لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ) لِعِصْمَتِهِمْ (وَيَجِبُ رَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِمْ إنْ أُخِذَ مِنْهُمْ) لِمَا سَبَقَ (وَلَا يُرَدُّ السِّلَاحُ وَالْكُرَاعُ) أَيْ الْخَيْلُ (حَالَ الْحَرْبِ) لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً عَلَيْنَا (بَلْ) يُرَدَّانِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ.

(وَمَنْ أُسِرَ مِنْ رِجَالهمْ فَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ خُلِّيَ سَبِيلُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>