للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا أَسَرَاهُمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] (فَإِذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ خُلِّيَتْ الرَّهَائِنُ كَمَا تُخْلَى الْأَسْرَى مِنْهُمْ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ إرْسَالِهِمْ خَوْفُ مُسَاعِدَةِ إخْوَانِهِمْ وَقَدْ زَالَ.

(وَإِنْ سَأَلُوهُ) أَيْ سَأَلَ الْبُغَاةُ الْإِمَامَ (أَنْ يُنْظِرَهُمْ أَبَدًا وَيَدَعَهُمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِمْ وَيَكُفُّوا عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَخَافَ فَقَرَّهُمْ إنْ قَاتَلَهُمْ تَرَكَهُمْ) حَتَّى يَقْوَى عَلَى قِتَالِهِمْ (وَإِنْ قَوِيَ) الْإِمَامُ (عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْخُرُوجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ قُوَّةِ شَوْكَتِهِمْ.

(وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَإِنْ قَاتَلَ مَعَهُمْ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ قُوتِلُوا مُقْبِلِينَ وَتُرِكُوا مُدْبِرِينَ كَغَيْرِهِمْ) مِنْ الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ وَالْبَالِغِينَ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لِلدَّفْعِ.

وَفِي التَّرْغِيب وَمُرَاهِقٌ وَعَبْدٌ كَخَيْلٍ.

(وَيُكْرَه قَصْدُ رَحِمِهِ الْبَاغِي) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ (بِقَتْلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ «كَفَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُقْبَةَ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ» (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ قَتَلَ ذَا رَحِمِهِ الْبَاغِي (وَرِثَهُ) لِأَنَّ قَتْلَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي ذَا رَحِمِهِ الْعَادِلِ وَكَذَا الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ.

(وَيَحْرُم قَتْلُهُمْ) أَيْ قِتَالُهُمْ (بِمَا يَعُمُّ إتْلَافَهُ كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ) لِأَنَّهُ يَعُمُّ مَنْ يَجُوزُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ كَغَيْرِ الْمُقَاتِلِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ مِثْلَ أَنْ يَحْتَاطَ بِهِمْ الْبُغَاةُ وَلَا يُمْكِنهُمْ التَّخَلُّصَ إلَّا بِذَلِكَ) كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ (وَإِنْ رَمَاهُمْ الْبُغَاةُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَنْجَنِيقٍ أَوْ نَارٍ (جَازَ) لِأَهْلِ الْعَدْلِ (رَمْيُهُمْ بِمِثْلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] .

(وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبُغَاةِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْخَطَإِ (فَقَدَرَ الْإِمَامُ عَلَى قَهْرِهِمَا) أَيْ الطَّائِفَتَيْنِ (لَمْ يَمِلْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْبُغَاةِ (وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ قِتَالِهِمَا مَعًا (وَخَافَ) الْإِمَامُ (اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى حَرْبِهِ ضَمَّ إلَيْهِ أَقْرَبَهُمَا إلَى الْحَقِّ) دَفْعًا لِأَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا (وَإِنْ اسْتَوَيَا اجْتَهَدَ) الْإِمَامُ (بِرَأْيِهِ فِي ضَمِّ إحْدَاهُمَا) إلَيْهِ (وَلَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ مَعُونَةَ إحْدَاهُمَا) عَلَى الْأُخْرَى (بَلْ) يُقْصَدُ بِذَلِكَ (الِاسْتِعَانَةَ عَلَى) الطَّائِفَةِ (الْأُخْرَى) لِيَرُدَّهَا إلَى الْحَقِّ (فَإِذَا هَزَمَهَا) الْإِمَامُ (لَمْ يُقَاتِلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>