مَاءِ الْوُضُوءِ. (وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ عَاجِزًا عَنْ الثَّمَنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعَادِمِ) لِمَا يَشْتَرِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ. (وَإِنْ امْتَنَعَ) رَبُّ الطَّعَامِ (مِنْ بَذْلِهِ) لِلْمُضْطَرِّ (إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ فَاشْتَرَاهُ الْمُضْطَرُّ بِذَلِكَ) كَرَاهَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا دَمٌ أَوْ عَجَزَا عَنْ قِتَالِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُضْطَرَّ (أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ رَدَّهُ وَإِلَّا سَقَطَ. (وَلَيْسَ لِلْمُضْطَرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَ) الْقِنِّ (الْآبِقِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣] (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَيَأْكُلَ مِنْ الْمُحَرَّمِ، لِأَنَّهُ صَارَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ.
(وَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ وَمَيْتَةً) أَكَلَ الْمَيْتَةَ إنْ أَمْكَنَ رَدُّ الطَّعَامِ إلَى رَبِّهِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَحَقُّهُ يَلْزَمُهُ غَرَامَتُهُ بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ.
وَفِي الْفُنُونِ قَالَ حَنْبَلٌ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا خِلَافَ هَذَا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَى رَبِّهِ بِعَيْنِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْإِنَاءَاتِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا قَدَّمَ أَكْلَهَا عَلَى الْمَيْتَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(أَوْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (صَيْدًا حَيًّا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً أَكَلَ مِنْ الْمَيْتَةِ) لِأَنَّ ذَبْحَ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ لَا تَجُوزُ لَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (صَيْدًا وَطَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ بِلَا مَيْتَةٍ وَهُوَ) أَيْ الْمُضْطَرُّ (مُحْرِمٌ أَكْلَ الطَّعَامَ) لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَفِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (لَحْمَ صَيْدِ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ قَالَهُ الْقَاضِي) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ انْتَهَى.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ تَمْيِيزُ الصَّيْدِ الَّذِي ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ مُذَكًّى مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ (وَلَوْ وُجِدَ بَيْضَ صَيْدٍ) سَلِيمًا (وَمَيْتَةً فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَا يَكْسِرُهُ) لِأَنَّ كَسْرَهُ جِنَايَةٌ لَا تَجُوزُ لَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ (إلَّا صَيْدًا ذَبَحَهُ وَكَانَ ذَكِيًّا طَاهِرًا وَلَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا مَيْتَةٍ فِي حَقِّهِ) لِإِبَاحَتِهِ لَهُ إذَنْ (وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ) وَهُوَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ (وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُ الذَّكَاةِ فِيهِ) كَسَائِرِ مَا يُذَكَّى (وَلَهُ الشِّبَعُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ لَا مَيْتَةَ (وَلَا يَجُوزُ) لَهُ (قَتْلُهُ) إذَنْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَكَاتِهِ كَالْأَهْلِيِّ الْمَأْكُولِ، وَهُوَ مَيْتَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا لِمَنْ تُبَاحُ لَهُ الْمَيْتَةُ وَتَقَدَّمَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى صَيْدٍ بِالْحَرَمِ.
(وَلَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute