لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ بَادَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ) وَنَحْوَهُ (قَبْلَ الطَّلَبِ صَحَّ) تَصَرُّفُهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ تَامُّ الْمِلْكِ كَالشَّفِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ (وَيَسْتَحِقُّ) الْمُضْطَرُّ (أَخْذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُشْتَرِي) كَالْمَالِكِ الْأَوَّلِ.
(وَ) إنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ (بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ) قَالَ: كَمَا لَوْ طَالَبَ الشَّفِيعُ قَالَ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّفِيعَ حَقُّهُ مُنْحَصِرٌ فِي عَيْنِ الشِّقْصِ وَهَذَا حَقُّهُ فِي سَدِّ الرَّمَقِ وَلِهَذَا كَانَ إطْعَامُهُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِذَلِكَ الْغَيْرِ وَوَجَبَ الْبَذْلُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلِهَذَا أَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ يَصِحُّ.
(وَلَوْ بَذَلَهُ) أَيْ الطَّعَامَ رَبُّهُ لِلْمُضْطَرِّ (بِثَمَنٍ مِثْلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَلَوْ كَانَ مُعْسَرًا) وَيُعْطِيهِ ثَمَنَهُ إذَا أَيْسَرَ.
(وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ) لِطَعَامٍ (مِنْ الْبَيْعِ) لِلْمُضْطَرِّ (إلَّا بِعَقْدِ رِبَا جَازَ) لِلْمُضْطَرِّ (أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ) لِإِطْلَاقِهِمْ تَحْرِيمُ الرِّبَا (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُضْطَرُّ (عَلَى قَهْرِهِ دَخَلَ) مَعَهُ (فِي الْعَقْدِ) صُورَةً كَرَاهِيَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنهمَا دَمٌ (وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يُتِمَّ عَقْدُ الرِّبَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] (فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ) الَّذِي فِيهِ الرِّبَا (نَسَاءً عَزَمَ) الْمُضْطَرُّ (عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضٌ) تَخَلُّصًا مِنْ إتْمَامِ الرِّبَا.
(وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيلَ إنَّ لَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (أَنْ يُظْهِرَ صُورَةَ الرِّبَا وَلَا يُقَاتِلُهُ) لِئَلَّا يَجْرِيَ بَيْنهمَا دَمٌ (وَيَكُونَ) الْمُضْطَرُّ (كَالْمُكْرَهِ) عَلَى مُحَرَّمٍ لِدُعَاءِ ضَرُورَتِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَأْثَمُ (فَيُعْطِيهِ مِنْ عَقْدِ الرِّبَا صُورَتَهُ لَا حَقِيقَتَهُ لَكَانَ أَقْوَى) تَخَلُّصًا مِنْ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى قَتْلِ أَحَدِهِمَا.
(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُضْطَرُّ (إلَّا آدَمِيًّا مَحْقُونَ الدَّمِ لَمْ يُبَحْ قَتْلُهُ وَلَا إتْلَافُ عُضْوٍ مِنْهُ مُسْلِمًا كَانَ) الْمَحْقُونُ (أَوْ كَافِرًا) ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا لِأَنَّ الْمَعْصُومُ الْحَيَّ مِثْلُ الْمُضْطَرِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْقَاءُ نَفْسِهِ بِإِتْلَافِ مِثْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْآدَمِيُّ (مُبَاحَ الدَّمِ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ) وَالْقَاتِلِ فِي الْمُحَارَبَةِ (حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّبَاعِ (وَكَذَا) لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ (بَعْد مَوْتِهِ) لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ.
(وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ آدَمِيًّا (مَعْصُومًا مَيِّتًا لَمْ يُبَحْ أَكْلُهُ) لِأَنَّهُ كَالْحَيِّ فِي الْحُرْمَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» .
(وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) أَيْ الْمَالِ (لِدَفْعِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ) ل (اسْتِقَاءِ مَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَالْمِقْدَحَةِ (وَجَبَ) عَلَى رَبِّهِ (بَذْلُهُ) لِلْمُضْطَرِّ إلَيْهِ (مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ عَلَى مَنْعِهِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute