يُكْرَهُ (سَلْخُهُ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهُ وَنَتْفُ رِيشِهِ حَتَّى تَزْهَقَ نَفْسُهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى بِكَلِمَاتٍ مِنْهَا لَا تُعَجِّلُوا الْأَنْفُسَ إلَى أَنْ تَزْهَقَ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» وَيُقَالُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَكَسْرُ الْعُنُقِ إعْجَالٌ لِزُهُوقِ الرُّوحِ فِي مَعْنَاهُ السَّلْخُ وَنَحْوُهُ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ كَسَرَ عُنُقَهُ أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ وَنَحْوَهُ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ (أَسَاءَ وَأُكِلَتْ) لِأَنَّ الذَّكَاةَ تَمَّتْ بِالذَّبْحِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٌ.
(وَيُكْرَهُ نَفْخُ اللَّحْمِ نَصًّا قَالَ الْمُوَفَّقُ: مُرَادُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ اللَّحْمُ (الَّذِي لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ غِشٌّ) بِخِلَافِ مَا يَذْبَحُهُ لِنَفْسِهِ وَيَنْفُخُهُ لِسُهُولَةِ السَّلْخِ.
(وَإِنْ ذَبَحَهُ فَغَرِقَ الْمَذْبُوحُ فِي مَاءٍ) يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ (أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ لَمْ يَحِلَّ) لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّيْدِ «وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ فَلَا تُؤْكَلُ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ يُعِينُ عَلَى زُهُوقِ الرُّوحِ فَيَحْصُلُ الزُّهُوقُ مِنْ سَبَبِ مُبِيحٍ وَمُحَرَّمٍ فَيُغَلَّبُ التَّحْرِيمُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ يَقَعُ فِيهِ أَوْ طَيْرٍ وَقَعَ بِالْأَرْضِ لَمْ يَحْرُمْ (وَعَنْهُ يَحِلُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ أَنَّهَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لِحُصُولِ ذَبْحِهِ وَحُصُولِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالذَّبْحِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَا أَصَابَهُ لِحُصُولِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحِلِّهِ قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ فِي كَسْرِ عُنُقِهِ.
(وَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَقِينًا كَذِي الظُّفْرِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْبَطُّ وَمَا لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الْأَصَابِعِ) لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا لِأَنَّ قَصْدَهُ لِحِلِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (أَوْ) ذَبَحَ كِتَابِيٌّ (مَا زَعَمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدنَا تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ كَحَالِ الرِّئَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَذَبَحَ مَا يَحِلَّ لَنَا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ حَالِ الرِّئَةِ (أَنَّ الْيَهُودَ إذَا وَجَدُوا الرِّئَةَ لَاصِقَةً بِالْأَضْلَاعِ امْتَنَعُوا مِنْ أَكْلِهَا زَاعِمِينَ تَحْرِيمَهَا وَيُسَمُّونَهَا اللَّازِقَةَ وَإِنْ وَجَدُوهَا غَيْرَ لَاصِقَةٍ أَكَلُوهَا وَإِنْ ذَبَحَ) الْكِتَابِيُّ (حَيَوَانًا غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (مِمَّا يَحِلُّ لَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ وَهِيَ شَحْمُ الثَّرْبِ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ وَالْأَمْعَاءِ وَشَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ) وَاحِدُهَا كُلْوَةٌ وَكُلْيَةٌ بِضَمِّ الْكَافِ فِيهِمَا وَالْجَمْعُ كُلُيَاتٌ وَكُلًى (وَلَنَا) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ.
(أَنْ نَتَمَلَّكَهَا) أَيْ الشُّحُومَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِمْ (مِنْهُمْ بِمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ قَالَ «أَصَبْتُ مِنْ الشُّحُومِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَبَسِّمًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا ذَكَاةٌ أَبَاحَتْ اللَّحْمَ فَأَبَاحَتْ الشَّحْمَ كَذَكَاةِ الْمُسْلِمِ وَكَذَبْحِ حَنَفِيِّ حَيَوَانًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute