وَيَعْسُرُ عَلَيْهِ الِاسْتِدَارَةُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَكُونُ مَرْكُوبُهُ حَرُونًا تَصْعُبُ عَلَيْهِ إدَارَتُهُ، أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَلَا السُّجُودُ (افْتَتَحَهَا) أَيْ النَّافِلَةَ (إلَى غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَعْنِي إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ (وَأَوْمَأَ) بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ) طَلَبًا لِلسُّهُولَةِ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يُؤَدِّيهِ إلَى عَدَمِ التَّطَوُّعِ (وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ وُجُوبًا إنْ قَدِرَ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَتُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي نَفْلِ الْمُسَافِرِ، أَيْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ (طَهَارَةُ مَحَلِّهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (نَحْوَ سَرْجٍ وَإِكَافٍ) كَغَيْرِهِ، لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَرْكُوبُ نَجِسَ الْعَيْنِ، أَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الرُّكُوبِ مِنْهُ نَجَاسَةٌ وَفَوْقَهُ حَائِلٌ طَاهِرٌ، مِنْ بَرْذَعَةٍ وَنَحْوِهَا، صَحَّتْ الصَّلَاةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هُوَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ فَرَشَ طَاهِرًا عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ هَهُنَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يَشُقُّ فَتَفُوتُ الرُّخْصَةُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبْدَانَ الدَّوَابِّ لَا تَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ النَّجَاسَةِ، لِتَقَلُّبِهَا وَتَمَرُّغِهَا عَلَى الزِّبْلِ وَالنَّجَاسَاتِ، وَالْبَغْلَ وَالْحِمَارَ مِنْهَا نَجِسَانِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَى رُكُوبِهِمَا وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارِهِ التَّطَوُّعَ» وَذَلِكَ دَلِيلُ الْجَوَازِ (وَإِنْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ نَجَاسَةً فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ بَلَى إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ عَنْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا.
(وَإِنْ وَطْئَهَا) أَيْ النَّجَاسَةَ (الْمَاشِي عَمْدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) كَغَيْرِ الْمُسَافِرِ.
(وَإِنْ نَذَرَ) الْمُسَافِرُ السَّائِرُ (الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ جَازَ) أَيْ انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَمِثْلُهُ نَذْرُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَتَقَدَّمَ.
(وَالْوِتْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ النَّوَافِلِ) الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ (عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ (سَوَاءٌ) لِعَدَمِ الْفَارِقِ وَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ عَلَى دَابَّتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَدُورُ فِي السَّفِينَةِ وَالْمِحَفَّةِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْعِمَارِيَّةِ (إلَى الْقِبْلَةِ فِي كُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ) لِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِ لِمَا تَقْدَمَ وَ (لَا) يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُورَ فِي (نَفْلٍ) لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَلَّاحِ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُورَ فِي الْفَرْضِ أَيْضًا (لِحَاجَتِهِ) لِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ.
(وَيَلْزَمُ الْمَاشِي أَيْضًا الِافْتِتَاحَ) أَيْ افْتِتَاحَ النَّافِلَةِ (إلَى الْقِبْلَةِ وَ) يَلْزَمُهُ (رُكُوعٌ وَسُجُودٌ) إلَى الْقِبْلَةِ بِالْأَرْضِ، لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ (وَيَفْعَلُ الْبَاقِي) مِنْ الصَّلَاةِ (إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ) وَصَحَّحَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: يُومِئ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ كَالرَّاكِبِ.
(وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهَا كَمَنْ بِمَكَّةَ إصَابَةُ الْعَيْنِ) أَيْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ (بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، بِحَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute