للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْكَعْبَةِ نُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى عَيْنِهَا قَطْعًا، فَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ فَلَوْ خَرَجَ بِبَعْضِ بَدَنِهِ عَنْ مُسَامَتَتِهَا لَمْ تَصِحَّ (وَلَا يَضُرُّ عُلُوُّهُ) عَلَى الْكَعْبَةِ كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ (وَلَا نُزُولُ) هـ عَنْهَا كَمَا لَوْ صَلَّى فِي حَفِيرَةٍ تَنْزِلُ عَنْ مُسَامَتَتِهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْبُقْعَةِ لَا بِالْجُدْرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ (إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إصَابَتُهَا) أَيْ إصَابَةُ الْعَيْنِ بِبَدَنِهِ، كَالْمُصَلِّي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ، أَوْ خَارِجِهِ، وَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِنَظَرِهِ أَوْ عِلْمِهِ، أَوْ خَبَرِ عَالِمٍ بِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ نَشَأَ بِمَكَّةَ أَوْ أَقَامَ بِهَا كَثِيرًا تَمَكَّنَ مِنْ الْأَمْرِ الْيَقِينِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ حَادِثٍ كَالْأَبْنِيَةِ.

(فَإِنْ تَعَذَّرَتْ) إصَابَةُ الْعَيْنِ (بِحَائِلٍ أَصْلِيٍّ مِنْ جَبَلٍ وَنَحْوِهِ) كَالْمُصَلِّي خَلْفَ أَبِي قُبَيْسٍ (اجْتَهَدَ إلَى عَيْنِهَا) أَيْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ عَلَيْهِ (وَمَعَ حَائِلٍ غَيْرِ أَصْلِيٍّ كَالْمَنَازِلِ) تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ (لَا بُدَّ مِنْ الْيَقِينِ) أَيْ مِنْ تَيَقُّنِهِ مُحَاذَاةَ الْكَعْبَةِ بِبَدَنِهِ (بِنَظَرٍ) هـ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ (خَبَرِ) ثِقَةٍ.

(وَنَحْوِهِ) وَالْأَعْمَى الْمَكِّيُّ وَالْغَرِيبُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِدَارٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ مَكَّةَ فَفَرْضُهُ الْخَبَرُ عَنْ يَقِينٍ أَوْ عَنْ مُشَاهَدَةٍ مِثْل أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَعَلَى الْحَائِلِ مَنْ يُخْبِرُهُ، أَوْ أَخْبَرَهُ أَهْلُ الدَّارِ، أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ كَالْحَاكِمِ إذَا وَجَدَ النَّصَّ.

(وَ) الْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ (إصَابَةُ الْجِهَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَيُعْفَى عَنْ الِانْحِرَافِ قَلِيلًا) يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً (لِمَنْ بَعُدَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْكَعْبَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَعِيدُ عَنْهَا (مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ) لِلْكَعْبَةِ.

(وَلَا عَلَى مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الِاثْنَيْنِ الْمُتَبَاعِدَيْنِ يَسْتَقْبِلَانِ قِبْلَةً وَاحِدَةً، وَعَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ لَا يُقَالُ: مَعَ الْبُعْدِ يَتَّسِعُ الْمُحَاذَى لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّسِعُ مَعَ التَّقَوُّسِ لَا مَعَ عَدَمِهِ (سِوَى الْمُشَاهِدِ لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَرِيبِ مِنْهُ فَفَرْضُهُ إصَابَةُ الْعَيْنِ) لِأَنَّ قِبْلَتَهُ مُتَيَقَّنَةٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى الْخَطَإِ.

وَقَدْ رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَلَ الْقِبْلَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ» قَالَ النَّاظِمُ: وَكَذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ: فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الصَّفِّ الْمُسْتَطِيلِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحِيحَةٌ مَعَ خُرُوجِ بَعْضِهِمْ عَنْ اسْتِقْبَالِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِكَوْنِ الصَّفِّ أَطْوَلُ مِنْهَا وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى الْخَطَأِ: صَحِيحٌ لَكِنْ إنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْجِهَةِ وَقَدْ فَعَلَهُ، وَهَذَا الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ اهـ.

وَأَجَابَ ابْنُ قُنْدُسٍ بِأَنَّ اسْتِقْبَالَ الْجِهَةِ إنَّمَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>