للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرِ قَوْلٍ لَمْ يَصِحَّ كَالْيَمِينِ) لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَيَقْتَضِي تَشْبِيهُهُ بِالطَّلَاقِ صِحَّتَهُ بِالْكِتَابَةِ وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالنِّكَاحِ انْعِقَادُهُ بِهَا لَكِنَّ النِّكَاحَ أَضْيَقُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ بِخِلَافِ النَّذْرِ.

(وَيَنْعَقِدُ) النَّذْرُ (فِي وَاجِبٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ بِيَمِينٍ إنْ تَرَكَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ فَإِنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: مَا وَجَبَ بِالشَّرْعِ إذَا نَذَرَهُ الْعَبْدُ أَوْ عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ أَوْ بَايَعَ عَلَيْهِ الرَّسُولَ أَوْ الْإِمَامَ أَوْ تَحَالَفَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ وَالْمَوَاثِيق تَقْتَضِي لَهُ وُجُوبًا ثَانِيًا غَيْرَ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ وَاجِبًا مِنْ وَجْهَيْنِ وَيَكُونُ تَرْكُهُ مُوجِبَ التَّرْكِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ وَالْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ (فَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ) أَيْ كَحَلِفِهِ لَيَصُومَنَّ رَمَضَانَ فَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ (وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ لَا) يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي وَاجِبٍ لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مَا هُوَ لَازِمٌ (كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُحَالِ) لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُهُ وَلَا الْوَفَاءُ بِهِ أَشْبَهَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ.

قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ وَمُوجِبَهُ مُوجِبُهَا إلَّا فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إذَا كَانَ قُرْبَةً وَأَمْكَنَهُ فِعْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِأُخْتِ عُقْبَةَ لَمَّا نَذَرَتْ الْمَشْيَ وَلَمْ تُطِقْهُ فَقَالَ: «لِتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا وَلْتَرْكَبْ» .

وَفِي رِوَايَةٍ " وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " قَالَ أَحْمَدُ أَذْهَبُ إلَيْهِ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَمِينِ فِي أَحَدِ أَقْسَامِهِ وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ فَكَذَلِكَ فِي سَائِرِهِ سِوَى مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ.

(وَالنَّذْرُ الْمُنْعَقِدُ أَقْسَامُهُ) سِتَّةٌ (أَحَدُهَا) النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ كَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ لِلَّهِ عَلِيَّ نَذْرٌ) سَوَاءٌ (أَطْلَقَ أَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا) وَفَعَلَهُ (وَلَمْ يَنْوِ) بِنَذْرِهِ (شَيْئًا) مُعَيَّنًا (فَيَلْزَمهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةَ يَمِينٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ.

(الثَّانِي نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ) يَعْنِي النَّذْرَ (بِشَرْطٍ يَقْصِدُ) النَّاذِرُ (الْمَنْعَ مِنْهُ) أَيْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (أَوْ الْحَمْلَ) أَيْ الْحَثَّ (عَلَيْهِ وَالتَّصْدِيقَ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ خَبَرًا (كَقَوْلِهِ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>