كَلَّمْتُكِ أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبكِ فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ، أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ صَادِقًا فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ) لِمَا رَوَى عُمَرُ أَنَّ ابْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ فَيَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ، (وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ) أَيْ النَّاذِرِ (عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُلْزِمُ بِذَلِكَ، أَوْ لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ) مُجْزِئَةً (وَنَحْوَهُ لِأَنَّ) هَذَا تَأْكِيدٌ وَ (الشَّرْعُ لَا يَتَغَيَّر بِتَوْكِيدٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَلَوْ عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِبَيْعِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ (وَالْمُشْتَرِي عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِشِرَائِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ (فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ) ، ذَكَرَهُ السَّيَاعِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ كَمَا لَوْ حَلَفَا عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ: إنْ تَصَدَّقَ بِهِ الْمُشْتَرِي خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ (وَمَنْ حَلَفَ فَقَالَ: عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَنَحْوَهُ (فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ لَمْ يَعْتِقْ رَقَبَةً.
(الثَّالِثُ: نَذْرُ الْمُبَاحِ، كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلِيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي أَوْ أَرْكَبَ دَابَّتِي فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «بَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إذْ هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَأَنْ يَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنْ أَوْفَى بِهِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ «امْرَأَة أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ فَقَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِكِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَ (كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ) أَيْ الْمُبَاحَ (فَلَمْ يَفْعَلْ) فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ.
(الرَّابِعُ: نَذْرُ، مَكْرُوهٌ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَكْلِ ثُومٍ وَبَصَلٍ) وَتَرَكِ سُنَّةٍ (فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفِّرَ) لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ، (وَلَا يَفْعَلُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى (فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ وَفَّى بِنَذْرِهِ.
(الْخَامِسُ نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَصَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» (وَيَقْضِي الصَّوْمَ) قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: غَيْرَ يَوْمِ حَيْضٍ انْتَهَى لِانْعِقَادِ نَذْرِهِ فَتَصِحُّ مِنْهُ الْقُرْبَةُ وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمًا يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ، وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنِ صَوْمٍ، وَكَذَا يَوْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute