أَكْلٍ فِيهِ وَيَوْمُ حَيْضٍ بِمُفْرَدِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّ الْأَكْلَ وَالْحَيْضَ مُنَافِيَانِ لِلصَّوْمِ لِمَعْنًى فِيهِمَا، وَالْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلصَّوْمِ لِمَعْنًى فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ (وَيُكَفِّرُ) قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِمْرَانُ وَسَمُرَةُ.
وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَلِأَنَّ النَّذْرَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ (فَإِنْ وَفَى) النَّاذِرُ (بِهِ) أَيْ بِنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ (أَثِمَ وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، (وَمَنْ نَذَرَ ذَبْحَ مَعْصُومٍ وَلَوْ نَفْسَهُ كَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ) ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ، وَلِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ أَشْبَهَ نَذْرَ ذَبْحِ أَخِيهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: مَنْ نَذَرَ فِعْلَ وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ مُبَاحٍ انْعَقَدَ نَذْرُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا قَالَ مَعَ بَقَاءِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَالِهِنَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ.
(فَإِنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ وَكَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَلَدٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا) مِنْ أَوْلَادِهِ (بِنِيَّتِهِ وَلَا قَوْلِهِ لَزِمَهُ بِعَدَدِهِمْ) أَيْ الْأَوْلَادِ (كَفَّارَاتٌ) لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (فَإِنْ نَذَرَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَمَا لَيْسَ بِطَاعَةِ لَزِمَهُ فِعْلُ الطَّاعَةِ وَيُكَفِّرُ لِغَيْرِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ وَإِذَا نَذَرَ نُذُورًا كَثِيرَةً لَا يُطِيقُهَا أَوْ مَا لَا يَمْلِكُ فَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ خِصَالًا كَثِيرَةً أَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَاحِدٌ وَكَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَالنَّذْرُ لِلْقُبُورِ أَوْ لِأَهْلِ الْقُبُورِ كَالنَّذْرِ لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالشَّيْخِ فُلَانٍ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا نَذَرَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَنْفَعَ) .
وَقَالَ: " مَنْ نَذَرَ إسْرَاجَ بِئْرٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ جَبَلِ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ نَذَرَ لَهُ أَوْ لِسُكَّانِهِ أَوْ الْمُضَافِينَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا وَيُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ مَا لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ وَمِنْ الْحَسَنِ صَرْفُهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَشْرُوعِ وَفِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ.
(وَقَالَ فِيمَنْ نَذَرَ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصْرَفُ لِجِيرَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيمَتُهُ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَتْمَةِ وَقَالَ: وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ لِلْمَسَاجِدِ مَا تَتَنَوَّرُ بِهِ أَوْ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهَا فَهَذَا نَذْرُ بِرٍّ فَيُوَفِّي بِنَذْرِهِ) لِأَنَّ تَنْوِيرَهَا وَتَعْمِيرَهَا مَطْلُوبٌ.
(السَّادِسُ نَذَرُ التَّبَرُّرِ) أَيْ التَّقَرُّبِ يُقَالُ تَبَرَّرَ تَبَرُّرًا أَيْ تَقَرَّبَ تَقَرُّبًا (كَنَذْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute