للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالِاعْتِكَافِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْقُرَبِ) كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ (عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ سَوَاءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا) بِشَرْطٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَنْعُ وَالْحَمْلُ (كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَوْ فَعَلْتُ كَذَا نَحْوَ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ) أَحْمَدُ (فِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا فَهَذَا نَذْرٌ) صَحِيحٌ (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ النَّذْرِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ النَّذْرِ فَمَتَى وَجَدَ شَرْطَهُ) إذَا كَانَ النَّذْرُ مُعَلَّقًا (انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَنْذِرُونَ وَلَا يُوَفُّونَ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥] الْآيَاتِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ نَذْرَ التَّبَرُّرِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا: مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ اسْتَجْلَبَهَا أَوْ نِقْمَةٍ اسْتَدْفَعَهَا وَكَذَا إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ قَدِمَ الْحَاجُّ وَنَحْوَهُ فَعَلْتُ كَذَا الثَّانِي: الْتِزَامُ طَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ نَحْوُهُ الثَّالِثُ: نَذْرُ طَاعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْوُجُوبِ كَالْإِعْتَاقِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(تَتِمَّةٌ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِالْمِلْكِ نَحْوَ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٧٥] الْآيَةَ (وَيَجُوزُ فِعْلُهُ) أَيْ النَّذْرِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ كَإِخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ (وَقَالَ الشَّيْخُ فِيمَنْ قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَصُومُ كَذَا: هَذَا نَذْرٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ بِنَذْرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ.

وَقَالَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَئِنْ ابْتَلَانِي اللَّهُ لَأَصْبِرَنَّ، وَلَئِنْ لَقِيتُ الْعَدُوَّ لَأُجَاهِدَنَّ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعَمَلَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْتُهُ: نَذْرٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ كَقَوْلِ الْآخَرِ {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥] الْآيَةَ وَنَظِيرُهُ ابْتِدَاءُ الْإِيجَابِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَيُشْبِهُهُ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ فَإِيجَابُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ إيجَابًا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِنَذْرٍ وَعَهْدٍ وَطَلَبٍ وَسُؤَالِ جَهْلٍ مِنْهُ وَظُلْمٍ، وَقَوْلُهُ لَوْ ابْتَلَانِي اللَّهُ لَصَبَرْتُ وَنَحْوَ ذَلِكَ إنْ كَانَ وَعْدًا أَوْ الْتِزَامًا فَنَذْرٌ، وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الْحَالِ فَفِيهِ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ وَجَهْلٌ بِحَقِيقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>