للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ إذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ: يَا مُعَلِّمَ إبْرَاهِيمَ عَلِّمْنِي) لِلْخَبَرِ.

(وَفِي آدَابِ الْمُفْتِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ الْكَلَامِ مُفَصِّلًا بَلْ يَمْنَعُ السَّائِلَ وَسَائِرَ الْعَامَّةِ مِنْ الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَا تَجُوزُ الْفَتْوَى فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ نَهْيُ السَّائِلِ عَنْهُ وَالْعَامَّةِ أَوْلَى وَيَأْمُرُ الْكُلَّ بِالْإِيمَانِ الْمُجْمَلِ وَمَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيمَا يُطْلَبُ بِهِ الْجَزْمُ وَلَا إثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَلَا الِاجْتِهَادُ فِيهِ وَيَجُوزُ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الظَّنُّ وَإِثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ.

(وَلَهُ) أَيْ الْمُفْتِي (تَخْيِيرُ مَنْ اسْتَفْتَاهُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفْتَى يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَإِنْ لَمْ يُخَيِّرْهُ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الطَّلَاقِ؟ فَقَالَ: إنْ فَعَلَ حَنِثَ فَقَالَ السَّائِلُ: إنْ أَفْتَانِي إنْسَانٌ لَا أَحْنَثُ قَالَ: تَعْرِفُ حَلْقَةَ الْمَدَنِيِّينَ؟ قَالَ: فَإِنْ أَفْتَوْنِي حَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.

(وَلَا يَلْزَمُ جَوَابُ مَا لَمْ يَقَعْ) لِخَبَرِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ عُمَرَ نَهَى ذَلِكَ " (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُ) أَيْ السَّائِلِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي خَبَرِ «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا سُئِلَهُ» - الْحَدِيثَ.

(وَلَا) يَلْزَمُ (جَوَابُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ السَّائِلُ) قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ " حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ " وَفِي مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ ".

(وَ) لَا يَلْزَمُ جَوَابُ (مَا لَا يَقَعُ فِيهِ) لِخَبَرِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ عَنْ الصَّحَابَةِ " مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ إلَّا عَمَّا يَنْفَعُهُمْ " وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَمُسْلِمُونَ هُمْ؟ فَقَالَ لِلسَّائِلِ: أَحْكَمْتَ الْعِلْمَ حَتَّى تَسْأَلَ عَنْ ذَا؟ وَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي اللِّعَانِ فَقَالَ: سَلْ رَحِمَكَ اللَّهُ عَمَّا اُبْتُلِيتَ بِهِ.

(وَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفْتِي (أَهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ جَازَ) لَهُ أَخْذُهُ وَالْأَرْزَاقُ مَعْرُوفٌ غَيْر لَازِمٍ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَلَا يُورَثُ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ قَالَ: وَبَابُ الْأَرْزَاقِ أَدْخَلُ فِي بَابِ الْإِحْسَانِ، وَأَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، وَبَابُ الْإِجَارَةِ أَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْمُسَامَحَةِ وَأَدْخَلُ فِي بَاب الْمُكَاسَبَةِ.

(وَلَهُ) أَيْ الْمُفْتِي (قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَالْمُرَادُ لَا لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُهُ مِمَّا لَا يُفْتِي بِهِ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُهْدِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَخَذَهَا لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُهُ مِمَّا لَا يُفْتِي بِهِ غَيْرُهُ (حُرِّمَتْ) عَلَيْهِ الْهَدِيَّةُ.

(وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الشَّرْعِ) عَلَى الْخِلَافِ هَلْ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْحَظْرُ أَوْ الْإِبَاحَةُ أَوْ الْوَقْفُ؟ (وَقِيلَ مَتَى خَلَتْ الْبَلَدُ مِنْ مُفْتٍ حُرِّمَ السُّكْنَى فِيهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَصَحُّ لَا يَحْرُمُ إنْ أَمْكَنَ الذَّهَابُ إلَى مُفْتٍ.

(وَلَهُ) أَيْ الْمُفْتِي (رَدُّ الْفُتْيَا إنْ خَافَ غَائِلَتَهَا أَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>