للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكُرِهَ) .

(وَتَصِحُّ فَتْوَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ الْمَفْهُومِ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ) كَخَبَرِهِمْ (وَتَصِحُّ) الْفُتْيَا (مَعَ أَحَدِ الشَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ مِنْ الْعَدُوِّ وَأَنْ يُفْتَى أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَشَرِيكَهُ وَ) سَائِرَ (مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَزَوْجَتِهِ وَمُكَاتِبَتِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ وَلَيْسَ مِنْهُ إلْزَامٌ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ.

(وَلَا تَصِحُّ) الْفُتْيَا (مِنْ فَاسِقٍ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينٍ عَلَى مَا يَقُولُ وَفِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ قُلْتُ: الصَّوَابُ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْفَاسِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ دَاعِيًا إلَى بِدْعَتِهِ (لَكِنْ يُفْتِي) الْمُجْتَهِدُ الْفَاسِقُ (نَفْسَهُ) لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ (وَلَا يَسْأَلُهُ) أَيْ الْفَاسِقَ (غَيْرُهُ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَالْوُثُوقِ بِهِ.

(وَلَا تَصِحُّ) الْفُتْيَا (مِنْ مَسْتُورِ الْحَالِ وَفِي الْمُبْدِعِ تَصِحُّ فُتْيَا مَسْتُورِ) الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ.

(وَالْحَاكِمُ كَغَيْرِهِ فِي الْفُتْيَا) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ (وَيَحْرُمُ لِتَسَاهُلِ مُفْتٍ) فِي الْفُتْيَا (وَتَقْلِيدِ مَعْرُوفٍ بِهِ) أَيْ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْفُتْيَا.

(قَالَ الشَّيْخُ لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ إلَّا مَنْ يُفْتِي بِعِلْمٍ أَوْ عَدْلٍ انْتَهَى) لِأَنَّ أَمْرَ الْفُتْيَا خَطَرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَاطَ.

(وَلَيْسَ لِمَنْ انْتَسَبَ إلَى مَذْهَبِ إمَامٍ) إذَا اُسْتُفْتِيَ (فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ بِأَنْ يَتَخَيَّرَ وَيَعْمَلَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) بَلْ يُرَاعِي أَلْفَاظَ الْأُمَّةِ وَمُتَأَخِّرِهِمَا وَأَقْرَبِهِمَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ) .

(وَيَلْزَمُ الْمُفْتِي تَكْرِيرُ النَّظَرِ عِنْدَ تَكْرَارِ الْوَاقِعَةِ) كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْقِبْلَةِ يَجْتَهِدُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَمَّا الْعَامِّيُّ إذَا وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ فَسَأَلَ عَنْهَا ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ ثَانِيًا فَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا شَيْئًا.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ الشَّافِعِيُّ: يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ ثَانِيًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةٌ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ عَنْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكْفِيهِ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ لِلْمَشَقَّةِ نَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْمُفْتِي عَلَيْهِ انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا.

(وَإِنْ حَدَّثَ مَا لَا قَوْلَ فِيهِ) لِلْعُلَمَاءِ (تَكَلَّمَ فِيهِ حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمُفْتٍ) فَيَرُدُّهُ إلَى الْأَصْلِ وَالْقَوَاعِدِ (وَيَنْبَغِي لَهُ) أَيْ لِلْمُفْتِي (أَنْ يُشَاوِرَ مَنْ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِعِلْمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ إفْشَاءُ سِرِّ السَّائِلِ أَوْ تَعْرِيضُهُ لِلْأَذَى أَوْ) يَكُونَ فِيهِ (مَفْسَدَةٌ لِبَعْضِ الْحَاضِرِينَ) فَيُخْفِيهِ إزَالَةٌ لِذَلِكَ.

(وَحَقِيقٌ بِهِ) أَيْ الْمُفْتِي (أَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالَمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتَلَفْتُ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>