للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ عَنْ الْبَلَدِ (وَعَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَفُضَلَائِهِ) لِيَعْرِفَ حَالَهُمْ حَتَّى يُشَاوِرَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْمُشَاوَرَةِ، وَيَقْبَلَ شَهَادَةَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْعَدَالَةِ (وَيَتَعَرَّفَ مِنْهُمْ) أَيْ مِمَّنْ وَجَدَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ (مَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَنْ يَسْأَلُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَلَا فِي طَرِيقِهِ سَأَلَ إذَا دَخَلَ) لِيَتَعَرَّفَ حَالَهُمْ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا قَرَّبَ) الْقَاضِي (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي وَلِيَ فِيهِ (بَعَثَ مَنْ يُعْلِمُ بِقُدُومِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَلَقِّيهِ) لِأَنَّ فِي تَلَقِّيهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَذَلِكَ طَرِيقٌ لِقَبُولِ قَوْلِهِ وَنُفُوذِ أَمْرِهِ (وَيَدْخُلُ فِي الْبَلَدِ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ أَوْ) يَوْمُ (الْخَمِيسِ أَوْ) يَوْمُ (السَّبْتِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي سَبْتِهَا وَخَمِيسِهَا» .

وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ قَدِمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» (ضَحْوَةً) لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا (لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ) أَيْ أَحْسَنَهَا لِأَنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ.

وَقَالَ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] لِأَنَّهَا مَجَامِعُ النَّاسِ وَهَذَا مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَا لَا يَجْتَمِعُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ أَوْلَى بِالزِّينَةِ (وَفِي التَّبْصِرَةِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ) أَيْ يَلْبَسُونَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَعْظَمُ لَهُ وَلَهُمْ فِي النُّفُوسِ (وَأَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا) أَيْ الثِّيَابِ (سُودًا وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " دَخَلَ مَكَّةَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ حَرْقَانِيَّةٌ أَيْ سَوْدَاءُ " قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ.

(وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى) لِلْأَخْبَارِ أَيْ فِي الْبَيَاضِ (وَلَا يَتَطَيَّرُ) أَيْ يَتَشَاءَمُ (بِشَيْءٍ وَإِنْ تُفَاءَلَ فَحَسَنٌ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ وَنَهَى عَنْ الطِّيَرَةِ (فَيَأْتِي) الْقَاضِي (الْجَامِعَ يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ قَادِمٍ (وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ) لِأَنَّ خَيْرَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ بِهِ الْقِبْلَةَ (فَإِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَمَرَ بِعَهْدِهِ) أَيْ بِاَلَّذِي كَتَبَهُ لَهُ مُوَلِّيهِ عَمَّا وَلَّاهُ إيَّاهُ (فَقُرِئَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْحَاضِرِينَ لِيَعْلَمُوا تَوْلِيَتَهُ وَيَعْلَمُوا احْتِيَاطَ الْإِمَامِ عَلَى اتِّبَاعِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَالنَّهْيَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ وَقَدْرَ الْمَوْلَى عِنْدَهُ وَيَعْلَمُوا حُدُودَ وِلَايَتِهِ وَمَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْحُكْمَ فِيهِ (وَلْيُقْلِلْ) الْقَاضِي (مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ) لِلْخَبَرِ (وَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ) لِيَعْلَمَ مَنْ لَهُ حَاجَةٌ فَيَقْصِدَ الْحُضُورَ لِفَصْلِ حَاجَتِهِ.

(ثُمَّ يَنْصَرِفُ) الْقَاضِي (إلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي أُعِدَّ لَهُ) لِيَسْتَرِيحَ مِنْ نَصَبِ سَفَرِهِ وَيُعِدَّ أَمْرَهُ وَلِيُرَتِّبَ نُوَّابَهُ لِيَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>