للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرُوجُهُ عَلَى أَعْدَلِ أَحْوَالِهِ.

(وَأَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَى الْحَاكِمِ الْمَعْزُولِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ دِيوَانَ الْحُكْمِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، لِأَنَّهُ الْأَسَاسُ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَعْزُولَ (تَسْلِيمُهُ) أَيْ الْحُكْمِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْحَاكِمِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَقَدْ صَارَتْ إلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الدِّيوَانُ (مَا فِيهِ وَثَائِقُ النَّاسِ مِنْ الْمَحَاضِرِ، وَهِيَ نُسَخُ مَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهِيَ نُسَخُ مَا حُكِمَ بِهِ) وَيُعْرَفُ الْآن بِالسِّجِلِّ.

(وَلِيَأْمُرَ) الْقَاضِي (كَاتِبًا ثِقَةً يَكْتُبُ مَا يُسَجِّلُهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ) احْتِيَاطًا (ثُمَّ يَخْرُجُ) الْقَاضِي (يَوْمَ الْوَعْدِ عَلَى أَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا شَبْعَانَ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِأَمْرٍ يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ كَالْعَطَشِ وَالْفَرَحِ الشَّدِيدَيْنِ وَالْحُزْنِ الْكَثِيرِ وَالْهَمِّ الْعَظِيمِ وَالْوَجَعِ الْمُؤْلِمِ وَالنُّعَاسِ الَّذِي يَغْمُرُ الْقَلْبَ) لِيَكُونَ أَجْمَعَ لِقَلْبِهِ وَأَبْلَغَ فِي تَيَقُّظِهِ لِلصَّوَابِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ.

(وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَوْ صِبْيَانًا ثُمَّ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ) لِحَدِيثِ «إنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ» .

(وَيُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ (خَيْرٌ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ) لِيَنَالَ ثَوَابَهَا.

(وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ لِبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ يُفْرَشُ لَهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي هَيْبَتِهِ وَأَوْقَعُ فِي النُّفُوسِ وَأَعْظَمُ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ (وَلَا يَجْلِسُ عَلَى التُّرَابِ وَلَا عَلَى حُصُرِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ بِهَيْبَتِهِ مِنْ أَعْيُنِ الْخُصُومِ) لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جُلُوسِهِ عَلَى الْبِسَاطِ دُونَ تُرَابٍ وَحَصِيرٍ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ أَوْلَى.

(وَيَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَيَدْعُوهُ سِرًّا أَنْ يَعْصِمَهُ مِنْ الزَّلَلِ وَيُوَفِّقَهُ لِلصَّوَابِ وَلِمَا يُرْضِيهِ) مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا فَفِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَوْلَى وَالْقَاضِي أَشَدُّ النَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةً.

(وَيَجْعَلُ) الْقَاضِي (مَجْلِسَهُ فِي مَكَان فَسِيحٍ كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ (عَمَّا يُكْرَهُ فِيهِ) مِنْ لَغَطٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) يَجْلِسُ فِي (فَضَاءٍ وَاسِعٍ أَوْ دَارٍ وَاسِعَةٍ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ إنْ أَمْكَنَ) لِيَكُونَ ذَلِكَ أَوْسَعَ عَلَى الْخُصُومِ وَأَقْرَبَ إلَى الْعَدْلِ.

(وَلَا يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ) لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ " أَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>