الْأَمَانَاتِ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ) وَمِثْلُهُ دَفْعُ رَبِّ اللُّقَطَةِ لِوَاجِدِهَا عِنْدَ رَدِّهَا إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْجِعَالَةِ.
(وَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ خُصُوصًا بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ فَيُحَابَى فَيَكُونُ كَالْهَدِيَّةِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَ (لَا) يُكْرَهُ (لِمُفْتٍ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ فَتْوَاهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يُحَابَى (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْقَاضِي (أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (مِنْ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ) ، لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَوْ شَقَّ جَازَ، لِقَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشَهَادَةُ الْجَنَائِزِ وَزِيَارَةُ الْأَهْلِ وَالصَّالِحِينَ وَالْإِخْوَانِ وَتَوْدِيعُ الْغَازِي وَالْحَاجِّ مَا لَمْ يُشْغَلْهُ عَنْ الْحُكْم) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَقَدْ وَعَدَ الْمُشَرِّعُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا عَظِيمًا فَيَدْخُلُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ (فَإِنْ شَغَلَهُ) ذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ (فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَمُبَاشَرَةَ الْحُكْمِ أَوْلَى (وَلَهُ حُضُورُ بَعْضِ) ذَلِكَ (دُونَ بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا يَفْعَلُهُ لِنَفْعٍ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَلَائِمِ.
، (وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ) كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِحُضُورِهَا (فَإِنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ تَرَكَهَا) كُلَّهَا، (وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ) وَسَأَلَهُمْ التَّحْلِيلَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ (وَلَا يُجِيبُ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَسْرٌ لِقَلْبِ مَنْ لَا يُجِيبُهُ (إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضَهَا بِعُذْرٍ يَمْنَعُهُ، مِثْل أَنْ يَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا مُنْكَرٌ، أَوْ فِي مَكَان بَعِيدٍ أَوْ يَشْتَغِلُ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا، وَالْأُخْرَى بِخِلَافِهَا فَلَهُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا لِظُهُورِ عُذْرِهِ) وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُ غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُ مَأْتَمٍ فَيُكْرَهُ وَلَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَجُوزُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ الرِّفْقَ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةَ الطَّمَعِ) تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى الْفِعْلِ الْجَمِيلِ اللَّائِقِ بِمَجَالِسِ الْحُكَّامِ وَالْقُضَاةِ، (وَيَجْتَهِدُ) الْقَاضِي (أَنْ يَكُونُوا) أَيْ الْوُكَلَاءُ وَالْأَعْوَانُ (شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفِقْهِ وَالصِّيَانَةِ) ، لِأَنَّ فِي ضِدِّ ذَلِكَ ضَرَرًا بِالنَّاسِ وَلِلْكُهُولِ وَالشُّيُوخِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَأْتِيهِ النِّسَاءُ وَفِي اجْتِمَاعِ الْأَشْبَابِ لَهُنَّ ضَرَرٌ.
(وَيَتَّخِذُ حَبْسًا لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَأْدِيبِ وَاسْتِيفَاءِ حَقٍّ وَاحْتِفَاظِ مِمَّنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَنَحْوُهُ وَيَتَّخِذُ أَصْحَابَ مَسَائِلَ يَتَصَرَّفُ بِهِمْ أَحْوَالَ مَنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ مِنْ الشُّهُودِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عُدُولًا) لِأَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ (بُرَآءُ مِنْ الشَّحْنَاءِ) أَيْ الْعَدَاوَةِ (بِعَدَاءٍ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute