للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَتْ عُقْدَةُ إبِطَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ثَلَاثًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: قَرَأْتُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ: الْهَدِيَّةُ تَفْقَأُ عَيْنَ الْحُكْمِ (بِخِلَافِ مُفْتٍ) فَلَا يَحْرُمُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) مُفَصَّلًا (وَهِيَ) أَيْ: الْهَدِيَّةُ (الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً) مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ (وَظَاهِرُهُ) أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَبُولُهُ الْهَدِيَّةَ (وَلَوْ كَانَ) الْقَاضِي (فِي غَيْرِ عَمَلِهِ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (إلَّا مِمَّنْ كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُهْدِي (حُكُومَةٌ) لِأَنَّ التُّهْمَةَ مُنْتَفِيَةٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَجْلِ الِاسْتِمَالَةِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الْحُكُومَةِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ (أَوْ) كَانَتْ الْهَدِيَّةُ (مِنْ ذَوِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ (لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ) هَذَا وَاضِحٌ فِي عَمُودَيْ نَسَبَهُ دُونَ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ أَقَارِبِهِ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَهْدِيَ لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ.

قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً إلَّا مِنْ صَدِيقٍ كَانَ يُلَاطِفُهُ، أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ خَصْمٌ (وَرَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ حَيْثُ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا (أَوْلَى) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ لِحُكُومَةٍ مُنْتَظَرَةٍ (وَاسْتِعَارَتُهُ) أَيْ الْقَاضِي (مِنْ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ نَافِعَ كَالْأَعْيَانِ، وَمِثْلُهُ لَوْ خَتَنَ) الْقَاضِي (وَلَدَهُ وَنَحْوَهُ فَأُهْدِيَ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّهَا لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى الرِّشْوَةِ فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَالْهَدِيَّةِ) عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَفِي الْفُنُونِ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ.

(وَإِنْ قَبِلَ) الرِّشْوَةَ أَوْ الْهَدِيَّةَ (حَيْثُ حَرُمَ الْقَبُولُ وَجَبَ رَدُّهَا إلَى صَاحِبِهَا، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) وَقِيلَ: تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ (وَقَالَ الشَّيْخُ فِيمَنْ تَابَ: إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا دَفَعَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى) .

(وَتَقَدَّمَ لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا) يَدْفَعُهَا لِلْحَاكِمِ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ أَرْبَابِهَا مَضْمُونَةً.

(فَإِنْ أَهْدَى لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ) مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ (لَمْ يَجُزْ) لِلشَّافِعِ (أَخْذُهَا) لِيَشْفَعَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً أَوْ يُوصِلَ إلَيْهِ حَقَّهُ، أَوْ يُوَلِّيهِ وِلَايَةً يَسْتَحِقّهَا، أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ لِلْمَهْدِيِّ أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.

(وَنَصَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَأَدَّاهَا فَأُهْدِيَتْ إلَيْهِ هَدِيَّةٌ؛ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا إلَّا بُنَيَّةِ الْمُكَافَأَةِ وَحُكْمُ الْهَدِيَّةِ عِنْدَ سَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>