النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا: الْحَاكِمُ لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ أَوْ يَحْكُمُ بِهِ فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ لَمْ يَحْتَجْ بَعْد ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ.
(وَفُتْيَاهُ لَيْسَتْ حُكْمًا مِنْهُ فَلَوْ حَكَمَ غَيْرُهُ) أَيْ الْقَاضِي (بِغَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (نَقْضًا لِحُكْمِهِ وَلَا هِيَ) أَيْ فُتْيَا الْقَاضِي (كَالْحُكْمِ) إذْ لَا إلْزَامَ فِي الْفُتْيَا (وَلِهَذَا يَجُوزُ) لِلْقَاضِي (أَنْ يُفْتِيَ الْحَاضِرَ وَالْغَائِبَ) بِخِلَافِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ.
(وَ) لِكَوْنِ فُتْيَاهُ لَيْسَتْ حُكْمًا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ (مَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ لَهُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ) حُكْمُهُ لَهُ كَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَزَوْجَتِهِ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَإِقْرَارُهُ) أَيْ الْقَاضِي غَيْرُهُ (عَلَى فِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ) كَتَزْوِيجٍ بِلَا وَلِيٍّ فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بَلَغَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ (لَيْسَ حُكْمًا بِهِ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ عَدَمُ التَّعَرُّضِ وَلَيْسَ حُكْمًا بِهِ (وَفِعْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيَسْتَفِيدُهُ بِطَرِيقِ وِلَايَةِ الْحُكْمِ (حُكْمٌ كَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ) بِلَا وَلِيٍّ لَهَا بِإِذْنِهَا إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ (وَشِرَاءُ عَيْنٍ غَائِبَةٍ) بِالصِّفَةِ لِيَفِيَ بِهَا دَيْنَ مُفْلِسٍ وَنَحْوِهِ (وَعَقْدُ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ فِي بَيْعِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً إنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا صَحَّ، لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَفِيهِ أَيْضًا لَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ أَوْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَفِيهِ أَيْضًا إنْ تَرَكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ وَقَفَ لَهَا وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ انْتَهَى بِخِلَافِ فِعْلٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ بِوِلَايَةِ حُكْمٍ كَبَيْعِ عَقَارِ نَفْسِهِ لِغَائِبٍ أَوْ لِيَتِيمٍ هُوَ وَصِيُّهُ أَوْ وَكَالَةٍ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ عَنْ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ (وَتَقَدَّمَ آخِرُ الصَّدَاقِ أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ كَتَقْرِيرِ أُجْرَةِ مِثْلٍ وَ) تَقْرِيرِ (نَفَقَةٍ وَنَحْوِهِ) كَتَقْرِيرِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَمَسْكَنِ مِثْلٍ وَكِسْوَةِ مِثْلٍ (حُكْمٌ) فَلَا يُغَيِّرُهُ حَاكِمٌ آخَرُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ.
(وَتَأْتِي تَتِمَّتُهُ قَرِيبًا) وَهِيَ قَوْلُهُ فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجَرْحٍ إلَخْ (قَالَ الشَّيْخُ الْقَضَاءُ نَوْعَانِ إخْبَارٌ وَهُوَ إظْهَارٌ وَ) الثَّانِي (إبْدَاءٌ وَأَمْرٌ وَهُوَ إنْشَاءٌ فَالْخَبَرُ يَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُهُ عَنْ حُكْمِهِ وَعَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَعَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ وَالْآخَرُ) الَّذِي هُوَ الْإِنْشَاءُ (هُوَ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِبَاحَةٌ وَيَحْصُلُ) الْحُكْمُ (بِقَوْلِهِ أَعْطِهِ وَلَا تُكَلِّمْهُ وَالْزَمْهُ وَ) يَحْصُلُ أَيْضًا (بِقَوْلِهِ حَكَمْتُ وَأَلْزَمْتُ) قُلْتُ وَكُلُّ مَا أَدَّى هَذَا الْمَعْنَى.
(وَحُكْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي (بِشَيْءٍ حُكْمٌ يُلَازِمُهُ) فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ بَيْعِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ كَانَ حُكْمًا بِإِبْطَالِ الْعِتْقِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بُطْلَانُ الْعِتْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute