للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ فَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْكَ دِرْهَمٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَلَا دَانَقٌ وَإِنَّمَا لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ قَبِلَ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ لَيْسَ حَقِّي هَذَا الْقَدْرُ قَالَ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا دِرْهَمٌ صَحَّ ذَلِكَ.

(وَلَوْ قَالَ) الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابًا لَهُ: (لَيْسَ لَك عَلَيَّ مِائَةٌ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَالْيَمِينِ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا لِأَنَّ نَفْيَهُ الْمِائَةَ لَا يَنْفِي مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا.

(فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى (مَا دُونَ الْمِائَةِ) بِأَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مِائَةً وَنَكَلَ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا (حُكِمَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا) مِنْ أَجْزَاءِ الْمِائَةِ.

(وَلِلْمُدَّعِي) إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَنْ يَقُولَ لِي بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالْبَيِّنَةُ طَرِيقٌ إلَى تَخْلِيصِهِ (وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ) لِلْمُدَّعِي (أَلَكَ بَيِّنَةٌ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَضْرَمِيِّ: لَكَ بَيِّنَةٌ قَالَ لَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ: فَلَكَ يَمِينُهُ " فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي عَارِفًا بِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْبَيِّنَةِ خُيِّرَ الْحَاكِمُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَبَيْنَ السُّكُوتِ.

(فَإِنْ قَالَ) الْمُدَّعِي (لِي بَيِّنَةٌ قِيلَ) أَيْ قَالَ (لَهُ) الْقَاضِي (إنْ شِئْتَ فَأَحْضِرْهَا) قَالَ فِي الْمُغْنِي لَمْ يَقُلْ أَحْضِرْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَرَى (فَإِذَا أَحْضَرَهَا) الْمُدَّعِي (لَمْ يَسْأَلْهَا الْحَاكِمُ عَمَّا عِنْدَهَا حَتَّى يَسْأَلُهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ (فَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي سُؤَالَهَا قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلِيَذْكُرْهَا إنْ شَاءَ أَوْ يَقُولُ بِمَ تَشْهَدَانِ؟ وَلَا يَقُولُ لَهُمَا اشْهَدَا) لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ لِلشَّاهِدَيْنِ: مَا أَنَا دَعَوْتُكُمَا وَلِأَنَّهَا كَمَا تُرْجِعَا وَمَا يَقْضِي عَلَى هَذَا الْمُسْلِمِ غَيْرُكُمَا وَإِنِّي بِكُمَا أَقْضِي الْيَوْمَ وَبِكُمَا أَتَّقِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَنْ يُلَقِّنَهُمَا) الشَّهَادَةَ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَنْبَغِي وَفِي الْمُوجِزِ يَكْرَهُ (كَتَعْنِيفِهِمَا) أَيْ تَعْنِيفِ الشَّاهِدَيْنِ (وَانْتِهَارِهِمَا) لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَمَلَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا عَلَى كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وَعَدَم أَدَائِهَا فَتَضِيعُ الْحُقُوقُ.

(فَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ شَهَادَةً صَحِيحَةً وَاتَّضَحَ الْحُكْمُ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْدِيدُهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (وَلَزِمَهُ فِي الْحَالِ أَنْ يَحْكُمَ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرٍ عَنْ مَوْضِعِهِ (إذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي) الْحُكْمَ (إنْ كَانَ الْحَقُّ) فِي الْحُكْمِ (لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ) وَلَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِدُونِ سُؤَالِ صَاحِبِ الْحَقِّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ حَقٌّ لَهُ فَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِمَسْأَلَتِهِ (وَتَقَدَّمَ إنْ كَانَ) الْحُكْمُ (لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَالْوَصِيَّةِ وَلِلْوَقْفِ عَلَى نَحْوِ الْفُقَرَاءِ (أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى) كَالْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>