للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَحْكُمُ إذَا اتَّضَحَ لَهُ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ الْحُكْمَ.

(وَإِذَا حَكَمَ) الْحَاكِمُ بِشَرْطِهِ (وَقَعَ الْحُكْمُ لَازِمًا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَا نَقْضُهُ) مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ (إلَّا بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ آدَابِ الْقَاضِي وَيَأْتِي بَعْضُهُ آخِرَ الْبَابِ) أَيْ إذَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ مَا يَعْتَقِدُهُ.

(وَلَا يَجُوز) الْحُكْمُ (وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ) .

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ (بَلْ يَتَوَقَّفُ) وَمَعَ اللَّبْسِ يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ عَجَّلَ فَحَكَمَ قَبْلَ الْبَيَانِ حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالْجَهْلِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إنَّمَا يَسَعُهُ الصُّلْحُ فِي الْأُمُورِ الْمُشْكِلَةِ أَمَّا إذَا اسْتَنَارَتْ الْحُجَّةُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

وَرَوَى عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ مَا أَصْلَحَ بَيْنَ الْمُتَحَاكِمَيْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَ النَّاسِ الضَّغَائِنَ ".

(وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ) وَهُوَ مَحِلُّ نُفُوذِ حُكْمِهِ (إذَا سَمِعَهُ شَاهِدَانِ) لِأَنَّ التُّهْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا.

(فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ وَالْبَيِّنَةَ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْحَاكِمِ (أَحَدٌ أَوْ سَمِعَهُ) مَعَهُ (شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ) الْحُكْمُ (أَيْضًا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَيْضًا لَيْسَ بِمَحْضِ الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ وَلَا يَضُرُّ رُجُوعَ الْمُقِرِّ قَالَ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِعِلْمِهِ (وَالْأَوْلَى) أَوْ يَحْكُمُ (إذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

(فَأَمَّا حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا يَجُوزُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي بِمَا سَمِعَ لَا بِمَا عَلِمَ.

وَفِي حَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ قَالَ مَا أُحَدِّثُهُ وَلَا دَعَوْتُ لَهُ أَحَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعِي غَيْرِي " حَكَاهُ أَحْمَدُ (إلَّا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) فَيَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ صِفَاتِ الشُّهُودِ مَعْنًى ظَاهِرٌ بَلْ قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ هَذَا بِحُكْمٍ لِأَنَّهُ يُعَدِّلُ هُوَ وَيَجْرَحُ غَيْرَهُ وَيَجْرَحُ هُوَ وَيُعَدِّلُ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ.

وَفِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ إنَّ الْحُكْمَ بِالِاسْتِفَاضَةِ لَيْسَ مِنْ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ فَيَحْكُمُ بِمَا اسْتَفَاضَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ عِنْدَهُ.

(وَيَحْرُمُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَاكِمِ (لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ) الْمَحْكُومِ بِهِمْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا (وَقَالَ الشَّيْخُ لَهُ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (طَلَبُ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>