دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَقَوْلِهِ) فِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِنَفَاذِ مَالِهِ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (يَحْلِفُ مَعَهَا) لَا يَحْلِفُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَلَا تَكْذِيب لَهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَلَاكِ مَا شَهِدَتْ بِهَلَاكِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُرْتَهِنِ وَالْوَدِيعِ وَنَحْوِهِمَا إذَا ادَّعُوا التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ بِوُجُودِ الظَّاهِرِ يَحْلِفُونَ عَلَى التَّلَفِ.
(قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُدَّعِي) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (إلَّا فِي الْقَسَامَةِ) فَيَبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ لِخَبَرِهَا الْخَاصِّ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهَا.
(وَ) إلَّا فِي (دَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةِ) كَدَعْوَى التَّلَفِ وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ (وَبِحَيْثُ يَحْكُمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ) بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعِي بِهِ مَالًا أَوْ يَقْصِدُ بِهِ الْمَالَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ حَفِيدُهُ) أَيْ ابْنُ ابْنِهِ وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ تَقِيُّ الدِّين بْنُ تَيْمِيَّةَ (دَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةُ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ) مِنْ قَوْلِنَا تَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَيَحْلِفُونَ وَذَلِكَ) أَيْ تَوْضِيحُ عَدَمِ اسْتِثْنَائِهِمْ (لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ إلَّا بِتَفْرِيطٍ أَوْ عُدْوَانٍ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَنْكَرُوا أَنَّهُمْ مُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِمْ لَكِنَّ جَدَّهُ نَظَرَ إلَى الصُّورَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ) غَائِبًا (عَنْ الْبَلَد دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ) مِنْ الْحُضُورِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ (وَلَا الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَحْضُرَ) لِأَنَّ حُضُورَهُ مُمْكِنٌ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ (كَحَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ) الْغَائِبِ الْبَعِيدِ وَالْمُمْتَنِعِ (فَإِنْ أَبَى) الْخَصْمُ (الْحُضُورَ لَمْ يَهْجُمْ) لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ شَهَادَتِهِ (وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ لِفُلَانٍ بِكَذَا) أَيْ فَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا كَمَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْحَقِّ نَفْسِهِ قُلْتُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ بَاقِي شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ حُضُورٍ كَالْغَالِبِ الْبَعِيدِ (ثُمَّ إنْ وَجَدَ) الْحَاكِمُ (لَهُ) أَيْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ (مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي إنْ وَجَدْتَ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي) أَنَّهُ مَالُهُ (وَفَّيْتُكَ مِنْهُ) لِوِلَايَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ (وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى الْغَائِبِ) أَوْ الْمُمْتَنِعِ (عَيْنًا سُلِّمَتْ إلَى الْمُدَّعِي) كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا.
(وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَهُ وَالْكِتَابَةِ لَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُم لَهُ بِكِتَابِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ) الْحُكْمُ لِلْغَائِبِ (تَبَعًا كَدَعْوَاهُ) أَيْ الْحَاضِرِ (أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ) مُطْلَقًا (أَوْ) أَخٍ لَهُ (غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ (عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute