للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ فَالْجَمِيعُ نَجَسٌ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ نَجَسٌ بِالتَّغَيُّرِ وَالْبَاقِي يَنْجَسُ بِالْمُلَاقَاةِ انْتَهَى.

وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَقَطْ وَغَيَّرَتْ النَّجَاسَةُ مِنْهُ قَدْرًا يُعْفَى عَنْهُ فِي نَقْصِ الْقُلَّتَيْنِ كَالرَّطْلِ وَالرَّطْلَيْنِ فَالْبَاقِي طَهُورٌ لِأَنَّهُ قُلَّتَانِ (وَلَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ مَا لَا يَنْجَسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ (وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ (وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (قَلِيلٌ) لِأَنَّ تَبَاعُدَ الْأَقْطَارِ وَتَقَارُبَهَا لَا عِبْرَةَ بِهِ، إنَّمَا الْعِبْرَةُ بِكَوْنِ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمُلَاصِقِ لِلنَّجَاسَةِ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ كَثِيرًا فَهُوَ (نَجَسٌ) لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَاسَةَ (فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ الَّذِي خَلَطَتْهُ النَّجَاسَةُ وَهُوَ يَسِيرٌ فَ) هُوَ (نَجَسٌ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ فَقَالَ: إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ وَسُئِلَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيَكْفِي شَاهِدًا عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ نُجُومَ أَهْلِ الْحَدِيثِ صَحَّحُوهُ

، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِإِرَاقَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ وَلَمْ يَعْتَبِرْ التَّغَيُّرَ.

وَعَنْهُ لَا يَنْجَسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْمُنَجَّا وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ لِحَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَجَوَابُهُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيَنْجَسُ الْقَلِيلُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ.

(وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ) أَيْ الْبَصَرُ كَالَّتِي بِأَرْجُلِ الذُّبَابِ خِلَافًا لِعُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَسَوَاءٌ (مَضَى زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ) النَّجَاسَةُ (أَمْ لَا) لِأَنَّ النَّجَاسَةَ بِالْمُلَاقَاةِ لَا بِالِاسْتِهْلَاكِ (وَمَا انْتَضَحَ مِنْ) مَاءٍ (قَلِيلٍ لِسُقُوطِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (فِيهِ نَجَسٌ) لِأَنَّهُ بَعْضُ الْمُتَّصِلِ بِالنَّجَاسَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا انْتَضَحَ مِنْ كَثِيرٍ طَهُورٌ (وَالْمَاءُ الْجَارِي كَالرَّاكِدِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (إنْ بَلَغَ مَجْمُوعُهُ) أَيْ الْجَارِي (قُلَّتَيْنِ دَفَعَ) .

(النَّجَاسَةَ إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ مَجْمُوعُهُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (فَلَا اعْتِبَارَ بِالْجِرْيَةِ) وَهِيَ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا وَيَمْنَةً وَيَسْرَةً.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَا انْتَشَرَتْ إلَيْهِ عَادَةً أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا، وَعَنْهُ كُلُّ جِرْيَةٍ مِنْ جَارٍ كَمُنْفَرِدٍ فَمَتَى امْتَدَّتْ نَجَاسَةٌ بِجَارٍ فَكُلُّ جِرْيَةٍ نَجَاسَةٌ مُفْرَدَةٌ فَيُفْضِي إلَى تَنْجِيسِ نَهْرٍ كَبِيرٍ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ.

إذْ لَوْ فَرَضْنَا كَلْبًا فِي جَانِبِ نَهْرٍ وَشَعْرَةٌ مِنْهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>