جَانِبِهِ الْآخَرِ لَكَانَ مَا يُحَاذِيهَا لَا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ لِقِلَّتِهِ فَيَنْجَسُ وَمَا يُحَاذِي الْكَلْبَ يَبْلُغُ قِلَالًا فَلَا يَنْجَسُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْأَوَّلِ.
(فَلَوْ غُمِسَ الْإِنَاءُ) الْمُتَنَجِّسُ (فِي مَاءٍ جَارٍ فَهِيَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِ جِرْيَاتٌ) كَمَا لَوْ حَرَّكَهُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الرَّاكِدِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) الْمُتَنَجِّسُ (ثَوْبًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ (وَعَصَرَهُ عَقِبَ كُلِّ جِرْيَةٍ) كَمَا لَوْ عَصَرَهُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ فَغَسْلَةٌ يُبْنَى عَلَيْهَا.
(وَلَوْ انْغَمَسَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ الْجَارِي (لِمُحْدِثٍ حَدَثًا أَصْغَرَ لِلْوُضُوءِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ، حَتَّى يَخْرُجَ مُرَتِّبًا نَصًّا كَالرَّاكِدِ وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِ أَرْبَعُ جِرْيَاتٍ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقِفُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَاءِ وَهُوَ جَارٍ (فَوَقَفَ) فِيهِ (حَنِثَ) هَكَذَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَيَأْتِي فِي بَابِ التَّأْوِيلِ فَالْحَلِفُ لَا يَحْنَثُ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا قَصْدٍ وَلَا سَبَبٍ.
(وَيَنْجَسُ كُلُّ مَائِعٍ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (كَزَيْتٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ) وَخَلٍّ وَعَسَلٍ بِمُلَاقَاةِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا لِحَدِيثِ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ وَعَنْهُ حُكْمُهُ كَالْمَاءِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
(وَ) يَنْجَسُ (كُلُّ طَاهِرٍ كَمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْمُسْتَخْرَجِ بِالْعِلَاجِ (بِمُلَاقَاةِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا) كَيَسِيرِ الدَّمِ (وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا) قِيَاسًا عَلَى السَّمْنِ (وَإِنْ وَقَعَتْ) نَجَاسَةٌ (فِي مُسْتَعْمَلٍ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ) وَقَعَتْ (فِي طَاهِرٍ غَيْرَهُ مِنْ الْمَاءِ) كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي غُسْلِ مَيِّتٍ أَوْ غَسْلِ يَدَيْ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ وَكَالطَّهُورِ الَّذِي تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ بِطَاهِرٍ (لَمْ يَنْجَسْ كَثِيرُهُمَا بِدُونِ تَغَيُّرٍ كَالطَّهُورِ) .
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي نِهَايَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْجَسَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَابْنُ تَمِيمٍ انْتَهَى وَقَطَعَ بِالثَّانِي فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَوَجْهُ الْأَوَّلِ عُمُومُ حَدِيثِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» .
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فَأَشْبَهَ الْخَلَّ (إلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بَوْلَ آدَمِيٍّ) كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا وَظَاهِرُهُ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ (أَوْ عَذِرَتَهُ الْمَائِعَةَ أَوْ الرَّطْبَةَ أَوْ يَابِسَةً فَذَابَتْ نَصًّا وَأَمْكَنَ نَزْحُهُ) أَيْ الْكَثِيرُ الطَّهُورُ أَوْ الطَّاهِرُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ (بِلَا مَشَقَّةٍ) عَظِيمَةٍ نَزَحَهُ (فَيَنْجَسُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالشَّرِيفُ وَالْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ، وَأَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ مُسْلِمٌ «ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَهُوَ خَاصٌّ فِي الْبَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute